تفصلنا أيام قليلة لإحتفال الشعب المغربي قاطبة، بالذكرى الـ 46 على انطلاق المسيرة الخضراء، وهي مسيرة سلمية انطلقت فى الخميس 6 نوفمبر من عام 1975، نحو الأراضى الصحراوية المغربية بهدف استرجاعها وإنهاء الاستعمار الإسبانى بها، والتي شارك فيها 350 ألف مغربى ومغربية.
وتعتبر هذا المسيرة، حدثا تاريخيا مهما فى تاريخ المغرب المعاصر، حيث يشكل تخليد هذا الحدث النوعي لحظة قوية لاستحضار الأمجاد التي طبعت هذه المحطة التاريخية، التي لم يسبق لها مثيل عبر العالم، والتي تظل منقوشة بمداد من ذهب في الذاكرة الحية للمغرب.
وبملامح تطبعها الصرامة، وبذاكرة تاريخية حية، يسرد مصطفى السيكي، أحد ساكنة الأقاليم الجنوبية، شارك في المسيرة الخضراء، تفاصيل هذه الملحمة في حواره مع موقع “فبراير”، قائلا: “استمعنا لخطاب الراحل الملك الحسن الثاني، عندما كنا في الأقاليم الحنوبية، وكانت الطريق آنذاك مغلقة، لكن إرادتي ووطنيتي دفعتني لأتوجه للجماعة القروية الدورة وبعدها انتقلت إلى منطقة أمكريو على قدماي”.
وتابع وهو يحكي تفاصيل هذه التجربة، “ألقت السلطات المغربية آنذاك القبض علي واتضح لهم أنني أريد أن أشارك في المسيرة الخصراء، مضيفا، تم استقبالي، استقبالا حافلا وشاركت في المسيرة الخضراء، بكل عز وفخر وكبرياء”.
وقال مصطفى السكي في حواره الشيق مع “فبراير”: “نحن الصحراويون كنا تحت الحصار الإسباني وكان هدفنا هو المشاركة في المسيرة المظفرة من أجل تمثيل وطننا، وفي تجسيد لأسمى سمات الوطنية، وبدون مقابل، وهذا ما تركنا عليه أجدادنا منذ القدم أثناء مبايعتهم للملوك العلويين”.
وبلباسه التقليدي الصحراوي، ولثامه الأسود، أوضح لنا المتحدث ذاته أنه مر بتجارب مميزة في المسيرة الخضراء، قائلا: من بين التجارب التي عشتها في المسيرة الخضراء آنذاك، جئنا إلى مدينة الطرفاية ووجدنا عددا من الدول العربية، كالإمارات قطر السعودية مصر تونس الاردن، وغيرها من الدول الكبرى، مما أثار فضولي وعلمت أن المسيرة الخضراء هي “ملحمة تاريخية” فعلا.
“الخير موجود في المسيرة”، هكذا يقول مصطفى في معرض حديثه، مستحضرا أن الملك الحسن الثاني، رحمه الله، أعطى تعليماته، من أجل توفير المؤونة الكافية، لمرور المسيرة الخضراء في أحسن الظروف، كما أعطى تعليماته للمسؤولين آنذاك من أجل تسهيل ظروف التنقل للمواطنين المشاركين في هذه الملحمة.
جدير بالذكر أن المسيرة الخضراء، التي أبدعتها عبقرية جلالة المغفور له الحسن الثاني، وانطلقت فيه جماهير المتطوعين من كل شرائح المجتمع المغربي سنة 1975 صوب الأقاليم الجنوبية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني، تجسد أروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي، من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة.