في مجال الإعلام والصحافة، غالبا ما ينظر إلى الرواد والمؤسسين على أنهم رموز تاريخية لا علاقة لها بالحاضر، وأن نجاح الأجيال الجديدة مرهون بقدرتها على الانفصال التام عن الماضي. لكن الصحفي المغربي البارز بنشريف يرى غير ذلك، إذ يؤكد على ضرورة الاعتراف بأولئك الذين سبقونا وأسسوا دعائم التجربة الإعلامية، واحترام إسهاماتهم وتجاربهم التي مهدت الطريق للوصول إلى ما نحن عليه اليوم.
ففي حديثه مع موقع “فبراير” شدد بنشريف على أن المفتاح لا يكمن في “قتل الرمز” والتخلص من سلطة السابقين، بل في الحوار والتفاعل بين الأجيال المختلفة، وتبادل الخبرات والمعارف في جميع القنوات. فالكفاءات والتجارب السابقة هي ثروات يجب الاستفادة منها، لا التنكر لها.
ولتحقيق ذلك، يروي بنشريف عن فكرته بإنشاء إطار أو منصة للقاءات الإنسانية التي تجمع الإعلاميين والصحفيين من مختلف الأعمار والأجيال، لكي يتعارفوا ويتبادلوا الآراء والخبرات. فقد أطلق هذه الفكرة في محادثاته مع العديد من الرموز الإعلامية مثل تور الصواف وفتيحة بابازي وتحدث معها باستمرار حول هذا المشروع.
ويستشهد بنشريف بذكرياته الخاصة مع الراحل نور الدين الصيل، الذي كان يعتبره صحفيًا ذا إيقاع خاص، ويصفه بأنه رجل عظيم. فقد كان الصيل ينتظره دائمًا بعد انتهاء نشرة الأخبار ليتناولا العشاء معًا ويتبادلا أطراف الحديث حول المشاريع والأفكار. وعلى الرغم من اختلاف الأجيال بينهما، إلا أن علاقتهما كانت قائمة على التواطؤ والاحترام المتبادل، حتى لو اختلفا أحيانًا في بعض الآراء.
كما يسترجع بنشريف ذكرياته مع الصيل خلال الزيارات الملكية التي غطاها، حيث كانا ينزلان في نفس الفندق ويتشاركان اللحظات المهنية والإنسانية. ويصف كيف كان الصيل يسأله باستمرار عن أشخاص آخرين ويهتم بأخبارهم، في إشارة إلى اهتمامه بالحفاظ على التواصل بين الأجيال المختلفة.
كما أكد بنشريف على أهمية هذا الحوار بين الأجيال، ليس فقط للاعتراف بالتراث الإعلامي والاستفادة من خبراته، ولكن أيضًا لاستشراف المستقبل وتطوير المهنة باستمرار. فالتجارب السابقة هي الأساس الذي يُبنى عليه، والأجيال الجديدة هي من سيحمل لواء التطور قدمًا. ولا يمكن لأي منهما النجاح بمعزل عن الآخر، لذا يجب أن تسود روح التعاون والحوار البناء فيما بينهما.