تحدث المحامي والفاعل السياسي عمر محمود بنجلون في حوار خاص مع موقع فبراير عن رؤيته لمستقبل اليسار المغربي وتحدياته الراهنة.
وأكد بنجلون على ضرورة الاعتراف بتضحيات الجيل السابق من القادة اليساريين الذين خاضوا نضالات مريرة، معتبرا أن هذا الاعتراف لا يتعارض مع بناء يسار جديد، بل هو تكريم للإنجازات السابقة كالإقرار بأخطاء الدولة والانفتاح على حقوق الإنسان.
وأشار بنجلون إلى صعوبة بناء حزب يساري موحد في ظل وجود خصوم يتربصون بوحدة هذا المشروع. ويؤكد على وجود تأثيرات خارجية تسعى لعرقلة هذه الوحدة.
يرى بنجلون أن قوة فيدرالية اليسار تكمن في مشروعيتها السياسية وكونها دائماً في “الجانب الصحيح من التاريخ”. كما يشيد بنزاهة مواردها البشرية وبعدها عن شبهات الفساد.
وحدد بنجلون خصوم اليسار في ثلاث فئات: المفسدون، الأحزاب الإدارية، والأصوليون، محذرا في ذات الآن من محاولات تدجين فيدرالية اليسار وتحويلها عن مسارها.
وقال أنه يؤمن بأن الفكرة الاشتراكية الديمقراطية هي مستقبل المغرب، لكنه يشدد على ضرورة حماية التنظيم الحامل لهذه الفكرة من التدخلات الخارجية.
واختتم بنجلون حديثه بدعوة صريحة لمحاربة الفساد الانتخابي، مؤكداً أن الثقة هي أساس الاستقرار. ويطالب بمواجهة ظواهر شراء الأصوات والتدخل في شؤون الأحزاب قبل العملية الانتخابية.
في مقدمة انتقاداته، وجه بنجلون سهام النقد نحو استقلالية النيابة العامة، معتبراً إياها “مشكلاً ديمقراطياً مطروحاً” و”ردة دستورية”. وتساءل بنجلون: “من يحدد السياسة الجنائية؟ هل جهات مستقلة عن الإرادة الشعبية؟” مشيراً إلى أن هذا الوضع يخلق فراغاً في المساءلة الديمقراطية.
وأضاف: “السياسات العمومية الأخرى منبثقة عن النقاش العام… لكن الآن من يسائل السياسة الجنائية في البلد وما هي ملامحها؟” مؤكداً أن هذا الوضع يتناقض مع مبادئ الديمقراطية والشفافية.
لم يتوقف بنجلون عند هذا الحد، بل وجه انتقادات لاذعة لما وصفه بـ”الحكومة الرأسمالية”، متهماً إياها بعدم الاهتمام بمفهوم دولة الحق والقانون. وقال: “نحن أمام حكومة رأسمالية لا تعير لمفهوم دولة الحق والقانون ولا تعتبر مسألة المشروعية المؤسسية والدستورية والقانونية لهذا البلد”.
وانتقد بشدة مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، معتبراً إياه ضرباً لحقوق المواطنين. وتساءل مستنكراً: “كيف يعقل أن هذه الحكومة الرأسمالية جابت لنا واحد المشروع قانون يسقف حق الاستئناف؟” مشيراً إلى أن هذا القانون يحرم المواطنين من حق الاستئناف في القضايا التي تقل قيمتها عن 40 ألف درهم، وهو ما اعتبره “ضرباً لحق المستهلكين ولحق المواطنين”.
في ضوء هذه الانتقادات، دعا بنجلون إلى إصلاح شامل لمنظومة العدالة. واقترح إحداث “قاضي للحريات” يتخصص في قضايا الاعتقال الاحتياطي، معتبراً أن الوضع الحالي يسمح بـ”سلب حرية مواطن معين بدون محاكمة”.
كما دعا إلى إعادة النظر في تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مؤكداً على ضرورة تمثيل الدفاع في هذا المجلس. وقال: “كيف يعقل أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يعرف وجود السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض ورئيس النيابة العامة بجانبه وانعدام تمثيلية الدفاع؟”