دفعت الحكومة بخطوة جديدة، نحو بيع الأصول العقارية للمستشفيات العمومية وكليات الطب، مما أثار تحركات من المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية لتقديم مقترح قانون يهدف إلى تنظيم هذه العملية وتجاوز الفراغ التشريعي الذي يحيط بها.
وتأتي هذه الخطوة في ظل البحث المستمر عن حلول لتمويل نفقات الاستثمار بطرق مبتكرة وفعالة.
فمنذ عام 2019، حسب مذكرة المجموعة النيابية بدأت الحكومة في استكشاف أساليب جديدة لتمويل نفقات الاستثمار نظرا لمحدودية الموارد المالية التقليدية وارتفاع حجم المديونية.
وفي هذا السياق، وبهدف مواصلة الجهود الاستثمارية في مشاريع البنية التحتية الأساسية مثل الطاقات المتجددة والماء الصالح للشرب ومياه السقي، تم اقتراح اللجوء إلى طرق بديلة لتوفير التمويلات المطلوبة.
هذه الطرق تضمنت استثمار السيولة المالية المتوفرة لدى بعض المؤسسات العمومية لتنفيذ نفقات الاستثمار دون الحاجة إلى القروض، وذلك ضمن إطار شراكة بين الدولة وهذه المؤسسات العمومية أو بالشراكة مع القطاع الخاص. المثال البارز على هذا النهج كان تشييد ميناء آسفي الجديد، الذي كان أول المشاريع التي تم تمويلها بهذه الطريقة.
ومع مرور الوقت، تطورت الأمور لتشمل بيع أصول عقارية قائمة، مثل المباني الإدارية والمراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات العمومية وكليات الطب والصيدلة والمؤسسات الجامعية، إلى مستثمرين مؤسساتيين عموميين مثل صندوق الإيداع والتدبير والصندوق المغربي للتقاعد.
وحافظت الدولة على استغلال هذه الأصول من خلال إبرام عقود كراء طويلة الأمد، نظرًا لأنها مرافق عمومية تقدم خدمات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها.
و منذ عام 2022، لوحظ تسارع في الاعتماد على هذه التمويلات بشكل كبير، بحيث لم تعد تقتصر على تمويل ميزانية الاستثمار فحسب، بل شملت أيضًا نفقات التسيير والاستهلاك. كما توسع نطاق المستفيدين ليشمل المستثمرين المؤسساتيين الخواص.
رغم هذا الاعتماد المتزايد على بيع الأصول العقارية، أشارت المذكرة التقديمية لمقترح القانون إلى غياب أي تأطير قانوني ملزم لتخصيص الموارد المتحصلة من هذه التمويلات، مما أثار قلقًا بشأن استخدام هذه الموارد لتمويل عجز الميزانية الناجم عن نفقات التسيير ونفقات الاستثمار على حد سواء.
استجابة لهذا الوضع، قدمت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية مقترح قانون ينظم عملية تفويت الأصول العقارية العامة. يقترح الحزب أن يُسمح للحكومة بتفويت منشآت عامة قائمة إلى مستثمرين مؤسساتيين مغاربة، مع الحفاظ على استغلالها من قبل الدولة عبر إبرام عقود كراء طويلة الأمد. ينبغي تخصيص حصيلة هذه التمويلات حصريًا لتمويل نفقات الاستثمار.
كما يقترح الحزب أيضًا أن تحتفظ المؤسسات التي تم تفويتها بالنشاط الإداري أو الاقتصادي أو الخدماتي الذي من أجله تم إحداثها. إضافة إلى ذلك، يقترح الحزب إنشاء لجنة خاصة بتمويل نفقات الاستثمار، وفتح عملية التفويت أمام المنافسة لضمان الشفافية والفعالية في تخصيص هذه الموارد.
ويرى حزب العدالة والتنمية أن هذه المقترحات ضرورية لضمان استخدام موارد الدولة بشكل فعال وشفاف، وتفادي أي انتهاك للمبادئ الدستورية التي تضمن حقوق المواطنين في الوصول إلى خدمات عامة موثوقة ومستدامة.