في مقال مطول، تناول المحلل السياسي والخبير في قضية الصحراء المغربية، سمير بنيس، تداعيات اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمغربية الصحراء وتأثيراته المحتملة على المشهد الدبلوماسي والقانوني للنزاع.
وأوضح بنيس أن كل تقدم دبلوماسي يسجل لصالح المغرب في هذه القضية يتبعه عادة سلسلة من التصريحات ومقالات الرأي التي تدعي أن موقف هذه الدولة أو تلك يتعارض مع قرارات محكمة العدل الدولية والقانون الدولي، مصرين على أن الحل الوحيد هو إجراء استفتاء لتقرير المصير.
وأشار بنيس إلى أن المدافعين عن جبهة البوليساريو يعتمدون بشكل كبير على فتوى محكمة العدل الدولية التي تؤكد أن الاستفتاء هو السبيل الوحيد لتحديد مستقبل الصحراء.
ولفت إلى أن هؤلاء يتجاهلون عمداً الإشارة إلى الروابط التاريخية والسياسية التي كانت قائمة بين القبائل الصحراوية والمغرب، كما يعمدون إلى تجاهل الآراء المخالفة لبعض القضاة الذين شاركوا في إصدار الحكم.
ذكر بنيس أن القاضي فؤاد أمون كان من بين هؤلاء القضاة الذين أكدوا وجود روابط قانونية وسياسية بين إقليم الصحراء والمغرب، حيث أشار إلى أن الولاء للسلطان المغربي يعادل الولاء للدولة.
بالإضافة إلى ذلك، أعرب القاضي فورستر عن عدم موافقته على استنتاجات محكمة العدل الدولية، منتقدًا المنهجية الأوروبية التي تعامل بها القضاة مع الصراع وكأن هيكل الدولة في المغرب يجب أن يكون مشابهًا للدول الأوروبية.
وأكد فورستر على ضرورة أن تتعامل المحكمة مع المشكلات الأفريقية من خلال قراءة أفريقية وليس أوروبية.
وأيضًا، أشار بنيس إلى القاضي بوني الذي شكك في الطبيعة القانونية للقرار الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية.
وعلى الرغم من تصويته لصالح السؤالين المعروضين على المحكمة، ظل بوني مقتنعًا بأن القرار لم يأخذ في الاعتبار السياق المحلي بشكل كافٍ.
و أكد أن المحكمة تجاهلت الروابط الدينية التي كانت تربط السلاطين المغاربة بالصحراويين، وهي روابط كان السلاطين بموجبها يُعتبرون أمراء المؤمنين، ما يعزز من كون السلاطين قادة للصحراويين في الشؤون الدينية والزمنية على حد سواء.
وأضاف بنيس أن العديد من الفاعلين في مجال القانون الدولي، مثل موريس فلوري وتشارلز فالي، انتقدوا الطبيعة السياسية للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية. وأكدوا أن المحكمة جعلت النزاع أكثر تعقيدًا من خلال قراءتها السياسية، مما أدى إلى تأزم الوضع بشكل أكبر.
وأكد بنيس أن قرارات مجلس الأمن الدولي منذ عام 2007 أصبحت المرجعية الأساسية لأي حل للنزاع في الصحراء، مشيرًا إلى أن هذه القرارات تركز على أن الحل يجب أن يقوم على التسوية والواقعية.
وبيّن أن الاعتراف الأمريكي، والآن الفرنسي، بسيادة المغرب على الصحراء، إلى جانب الدعم الإسباني، يشكل تحولًا كبيرًا في مسار النزاع، مما يعزز من فكرة أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق.
وفي ختام مقالته، أشار بنيس إلى أن الدول، من خلال أفعالها وسلوكها، تصنع القانون الدولي، وأن قرارات مجلس الأمن الدولي تشكل الإطار القانوني لأي حل سياسي للنزاع.
وأكد أنه لا يمكن التوصل إلى حل خارج إطار هذه القرارات، خاصة القرار المعتمد منذ 2018، مضيفا أن الاعترافات الدولية المتزايدة بالسيادة المغربية على الصحراء تعكس تحولاً في المواقف الدولية، مما يجعل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الخيار الأوضح والأكثر قابلية للتنفيذ لحل النزاع.
بهذا، يوضح بنيس أن التصريحات الداعمة لمغربية الصحراء، مثل تلك الصادرة عن فرنسا، تسهم في تغيير الديناميكيات الدولية المحيطة بالنزاع وتعزز من فرص الوصول إلى حل سلمي ومستدام يقوم على الواقعية والتسوية السياسية.