أفادت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية في تقرير حديث بأن حسابات الخزينة الخاصة قد استحوذت على نحو 63.42% من الاعتمادات المالية المخصصة للاستثمار في عام 2022، مما يثير تساؤلات حول شفافية الإنفاق العمومي وفعالية توزيع الموارد المالية على القطاعات الحيوية.
حجم الإنفاق ومجالات التخصيص
وكشف التقرير أن هذه النسبة الكبيرة من الاعتمادات تم توجيهها لمشاريع استثمارية متعددة تمولها حسابات الخزينة الخاصة، في حين جرى تخصيص 13.41% من هذه الاعتمادات لتسديد مستحقات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
ولم تقتصر هذه الاعتمادات على هذين المجالين، بل شملت أيضًا تسديدات للخطوط الملكية المغربية وتمويل برامج تنموية حيوية، مثل برنامج “فرصة”، ودعم مؤسسات بارزة كالشركة المغربية للهندسة السياحية والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني المغربي للسياحة.
وأضافت الوزارة أن الاعتمادات المبرمجة لفصل الاستثمار لعام 2022 بلغت ما يقرب من 38 مليار و359 مليون درهم، مع إضافة 7.5 مليارات درهم لدعم عدد من المؤسسات والمقاولات العمومية.
وأشارت إلى أن تنفيذ هذه الاعتمادات تم بنسبة 97.24% حتى نهاية ديسمبر 2022، مما يعكس التزام الحكومة بتنفيذ خططها المالية.
تفاصيل ميزانية التسيير: أولويات الدعم والتحديات
أما فيما يتعلق بفصل التسيير، فقد أورد التقرير أن الاعتمادات المخصصة لهذا الفصل بلغت نحو 59 مليار و570 مليون درهم لعام 2022، حيث خُصص الجزء الأكبر منها لدعم أسعار الاستهلاك بقيمة 31 مليار درهم، فيما تم تخصيص ملياري درهم للصندوق المغربي للتقاعد.
وقد نفذت هذه الاعتمادات بنسبة 99.08% حتى نهاية السنة، ما يعكس قدرة الحكومة على الالتزام بميزانيتها في هذا الجانب.
وتوزعت النفقات المتعلقة بالتكاليف التشاركية على عدة مجالات، حيث خصصت 76.59% من هذه النفقات لدعم أسعار الاستهلاك والإجراءات المصاحبة، بينما تم توجيه 11.24% منها إلى نفقات أنظمة التقاعد التي يديرها الصندوق المغربي للتقاعد.
وتشمل النفقات الأخرى دفعات للحسابات الخصوصية للخزينة، وإعانات موجهة للوكالة المغربية للتعاون الدولي، ومعاشات استثنائية وتكميلية، إلى جانب تسديدات للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وتمويل المساعدة المقدمة للمقاولات الصحفية.
التحديات والمستجدات في ميزانية 2023
وفيما يخص الفترة الممتدة من يناير إلى يونيو 2023، أوضحت الوزارة أن الاعتمادات المسجلة لفصل التسيير بلغت 42 مليار و104 ملايين درهم، مع إضافة 3.43 مليارات درهم لمواجهة آثار التضخم وتنفيذ خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة.
ورغم ذلك، فإن نسبة تنفيذ هذه الاعتمادات لم تتجاوز 47.73%، مما يشير إلى تحديات كبيرة في إدارة وتوزيع هذه الموارد المالية.
أما الاعتمادات المخصصة لفصل الاستثمار خلال نفس الفترة، فقد بلغت 40 مليار و374 مليون درهم، وتم تنفيذها بنسبة 51.62%.
وخصص الجزء الأكبر منها لتحويلات للحسابات الخصوصية للخزينة وتسديد مستحقات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، إضافة إلى التزامات الشركة الوطنية للضمان وتمويل المقاولة، وتسديدات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
مؤشرات عام 2024: توجهات جديدة وتحديات مستمرة
ومع اقتراب العام 2024، كشف مشروع قانون المالية عن توجهات جديدة في توزيع الاعتمادات المالية. حيث سيتم تخصيص 34.82 مليار درهم لفصل التسيير، و36.41 مليار درهم لفصل الاستثمار، ما يشير إلى انخفاض قدره 3.85 مليارات درهم مقارنةً بالاعتمادات المفتوحة لعام 2023.
ويأتي هذا الانخفاض في ظل توجه الحكومة نحو تحسين فعالية الإنفاق العمومي وتوجيه الموارد نحو القطاعات الأكثر أهمية.
وفقًا لتقرير وزارة الاقتصاد والمالية، تهدف الاعتمادات المبرمجة لفصل التسيير لعام 2024 إلى دعم أسعار الاستهلاك من خلال تخصيص 16.957 مليار درهم لدعم أسعار غاز البوتان وبعض المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى دعم قطاع النقل بمبلغ 600 مليون درهم.
كما ستغطي هذه الاعتمادات عجز نظام المعاشات العسكرية والتعويضات العائلية للمتقاعدين، مع تخصيص 5.3 مليارات درهم لهذا الغرض، إلى جانب تعميم الحماية الاجتماعية بتخصيص 4.375 مليارات درهم.
أما بالنسبة لفصل الاستثمار لعام 2024، فقد سجلت الاعتمادات المتوقعة ارتفاعًا بمليارين و607 ملايين درهم مقارنةً بعام 2023، لتصل إلى 36.41 مليار درهم.
وتشمل هذه الاعتمادات دفعات للحسابات الخصوصية للخزينة ودعم صندوق الحماية الاجتماعية وصندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق مواكبة إصلاحات النقل الطرقي.
