كشف تقرير برلماني حديث عن إخفاق الشركة المغربية للهندسة السياحية في تحقيق نتائج ملموسة ضمن تنفيذ المشاريع السياحية المقررة في إطار “رؤية 2020″، ما تسبب في تأخير تطوير منتجات سياحية جديدة وتراجع تنافسية المغرب في السوق السياحية العالمية.
وفقًا لتقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة لتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي، الصادر عن مجلس المستشارين، فإن الشركة المغربية للهندسة السياحية كانت مسؤولة عن إنجاز الدراسات المتعلقة بهندسة المنتج السياحي، وتطوير مشاريع التهيئة السياحية، وتعزيز الاستثمار في القطاع السياحي. كما أوكلت إليها مهمة تنفيذ “رؤية 2020” ومتابعة تنفيذ العقود الجهوية المبرمة، والتنسيق مع جميع الأطراف المعنية على المستوى المحلي.
ويشير التقرير إلى أن الشركة المغربية للهندسة السياحية، وفقًا لنظامها الأساسي، كانت مسؤولة عن وضع وتنفيذ استراتيجية التنمية السياحية التي وضعتها السلطات العمومية. وفي عام 2011، وضعت الشركة استراتيجية لتحقيق أهداف “رؤية 2020″، لكن التقدم في إنجاز هذه الأهداف كان بطيئًا.
وعلى الرغم من التخطيط لإنجاز 944 مشروعًا بقيمة إجمالية تتجاوز 151 مليار درهم ضمن عقود البرامج الجهوية، فإن التقرير البرلماني يظهر أن معدل تنفيذ هذه المشاريع كان ضعيفًا للغاية. فعلى سبيل المثال، حتى عام 2015، لم يتم تنفيذ سوى 37 مشروعًا فقط، بمبلغ 1.4 مليار درهم، وهو ما يمثل أقل من 1% من الأهداف المقررة.
ويبرز التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لعام 2016-2017 أن 209 مشاريع فقط من أصل 944 كانت لا تزال قيد الإنجاز أو في مرحلة الدراسة أو الترخيص، مما يعني أن 735 مشروعًا بقيمة استثمارية تصل إلى 98 مليار درهم لم تجذب أي مستثمر، وبالتالي يبدو تحقيقها على المدى المتوسط بعيد المنال.
وقد أشار تقرير مجلس المستشارين إلى أن الشركة المغربية للهندسة السياحية كُلفت بتوفير الأراضي المناسبة لتنفيذ المشاريع المحددة في عقود البرامج الجهوية وجذب المستثمرين الخاصين للمشاركة في تنفيذها. لكن الواقع يشير إلى فشل الشركة في تحقيق نتائج إيجابية على مستوى تنفيذ المشاريع المبرمجة ضمن “رؤية 2020″، مما أثار انتقادات واسعة.
وتجدر الإشارة إلى أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لعام 2015، الذي استند إليه التقرير البرلماني، أكد أن الدراسات التي أجرتها الشركة منذ تأسيسها ركزت بشكل كبير على إعادة هيكلة الشركة نفسها، بدلاً من وضع برامج فعالة لتنفيذ الرؤى الاستراتيجية في المجال السياحي.
التقرير البرلماني أوضح أيضًا أن هناك ضعفًا في انخراط الشركة في تنفيذ المشاريع التي تم الاتفاق عليها ضمن عقود البرامج الجهوية الموقعة عام 2013، وهو ما انعكس على ضعف نسبة الإنجاز التي لم تتجاوز 1%. وبإضافة المشاريع التي لا تزال قيد الإنجاز، فإن نسبة الإنجاز تصل بالكاد إلى 20%، وهو ما أكدته وزيرة السياحة في عرضها خلال جلسة الاستماع في 6 مارس 2024، مشيرة إلى أن معظم الإجراءات التي تم تنفيذها كانت إما أولية أو جزئية.
وفي الوقت نفسه، كشف تقرير لوزارة الاقتصاد والمالية عن تشتت مهام الشركة المغربية للهندسة السياحية مقارنة بمهمتها ذات المصلحة العامة، وتحولها إلى مهام تنافسية، مع وجود تداخل بين مهامها ومهام مؤسسات أخرى مثل الصندوق المغربي للتنمية السياحية والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات.
وأبرز تقرير وزارة الاقتصاد والمالية، الذي تناول التدقيق الاستراتيجي للشركة، أن عدم انسجام النموذج الاقتصادي للشركة أدى إلى ضعف الجدوى الاقتصادية والمالية لتحقيق مهامها الرئيسية، وذلك في ظل غياب إمدادات مالية كافية تستند إلى إطار تعاقدي واضح مع الدولة والجماعات الترابية.