بعد أسابيع من التهدئة المؤقتة التي خيمت على أزمة طلبة الطب في المغرب، عادت هذه القضية لتتصدر المشهد من جديد، خاصة بعد دخول وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، ووزير الصحة، خالد آيت الطالب، في عطلة تمتد لأسبوعين. هذا التطور أثار تساؤلات عديدة حول مصير طلبة الطب الذين قاطعوا الامتحانات الاستدراكية، وأعاد إلى الواجهة مخاوف من احتمال اقترابهم من سنة بيضاء.
في هذا السياق، أشار محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، إلى أن الحديث عن سنة بيضاء أصبح أمرًا واقعًا، معبرًا عن قلقه إزاء مصير حوالي 15 ألف طالب طب، الذين “رسبوا عمليًا” نتيجة للأزمة المستمرة. وأكد الدرويش أنه لا يلوح في الأفق أي حل قريب، خاصة وأن الوزراء المعنيين دخلوا في عطلة من 4 أغسطس حتى 18 من نفس الشهر، مما يزيد من تعقيد الوضع.
وفي تصريح إعلامي، أوضح الدرويش أن وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، يوجد خارج المغرب، وهو ما أثار استياء الطلبة وأسرهم الذين يعيشون تحت وطأة حر الصيف وسخونة الملف الحارق الذي يبدو أنه يفتقر إلى أي أفق للحل. وأعرب الدرويش عن استغرابه إزاء من يدفع بهذه الأزمة إلى طريق مسدود، ومن يتحمل مسؤولية استمرار هذا الوضع المتأزم.
التقرير يشير إلى أن الوضع يدعو للقلق ويفرض تساؤلات عديدة حول مستقبل الطلاب. وأوضح الدرويش أن وزارة التعليم العالي قررت، عبر كليات الطب والصيدلة، إجراء الدورة الاستدراكية خلال شهر سبتمبر، لكن المفاجأة جاءت عندما أعلن الوزير ميراوي، بحضور وزير الصحة خالد آيت الطالب، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، انتهاء الحوار بشكل نهائي وعدم إمكانية توقيع أي محضر، ما أثار دهشة الجميع خاصة وأن المؤشرات كانت تدل على قرب انتهاء الأزمة.
وفيما يتعلق بالحلول الممكنة، أكد الدرويش أن تحقيقها يتطلب إرادة حقيقية وقرارًا سياسيًا من رئيس الحكومة عزيز أخنوش. واعتبر أن تجنب السنة البيضاء ما زال ممكنًا في حال تدخل رئيس الحكومة بشكل مباشر لوقف هذه الأزمة التي وصفها بالاستهتار غير المبرر بمستقبل الطب والصيدلة في المغرب. وجدد الدرويش ندائه لرئيس الحكومة للتحرك من أجل حماية المشروع الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية، ودور القطاع الصحي في بناء الدولة المغربية الحديثة كما يريدها الملك محمد السادس.
وفي آخر بلاغ رسمي صدر حول الأزمة، أعلنت الحكومة المغربية في 25 يونيو الماضي عبر ناطقها الرسمي، أنها اتفقت على فتح الدورة الربيعية في 26 يونيو 2024، مع برمجة امتحانات الدورة الاستدراكية للفصل الأول في سبتمبر 2024. كما أكدت الحكومة على ضرورة استدراك فترات التداريب الاستشفائية التي قاطعها الطلبة ابتداء من الموسم الجامعي المقبل، وتعويض نقطة الصفر بالنقطة المحصل عليها خلال الدورة الاستدراكية.
وأكدت الحكومة التزامها بإعادة النظر في العقوبات المفروضة على الطلبة، مشددة على تحملها المسؤولية الكاملة لضمان جودة التكوين الطبي، وداعية جميع الأطراف المعنية، وخاصة الطلبة وأسرهم، إلى تحمل مسؤولياتهم في هذه القضية.
كما أبرز الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، التزام الحكومة بتجويد التكوين الطبي في المغرب من خلال إصلاح شامل يهدف إلى الارتقاء بمهنة الطب وتعزيز العرض الطبي بما يحقق المساواة في الوصول إلى الخدمات الصحية. وأوضح أن الحكومة قدمت خلال اجتماعاتها مع ممثلي طلبة الطب تفاصيل الإصلاح البيداغوجي لمسار التكوين في كليات الطب والصيدلة، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى تحسين جودة التكوين وتقليل الفترات غير المستغلة في العملية التعليمية، بالإضافة إلى تنفيذ إجراءات لتلبية مطالب الطلبة.