في خطوة وصفت بالبارزة ، رحب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعفو الملكي الذي شمل 4831 شخصًا من المدانين والمتابعين والمبحوث عنهم في قضايا زراعة القنب الهندي. هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت في سياق رؤية استراتيجية تسعى المملكة المغربية من خلالها إلى تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية واحترام حقوق الإنسان، وفقًا لما أشار إليه المجلس في بيان رسمي نشره عبر صفحته على “فيسبوك”.
العفو الملكي ومقاربة حقوق الإنسان
أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن العفو الملكي يعكس التزام المغرب بالمقاربة الحقوقية التي تدعو إليها الأمم المتحدة في استراتيجيتها الدولية لمكافحة المخدرات. هذه المقاربة تتجاوز البعد القانوني إلى بُعد أكثر شمولية يرتكز على حقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وبهذا العفو، تعزز المملكة انخراطها في هذه الاستراتيجية، مما يُمكّن المزارعين الصغار للقنب الهندي من المشاركة في هياكل مؤسساتية تهدف إلى استخدام هذه الزراعة لأغراض طبية وصناعية، وهو ما ينص عليه القانون 21.13 المتعلق بالاستخدامات المشروعة للقنب الهندي.
إعادة صياغة التنمية المجالية
من خلال هذا العفو الملكي، يسعى المغرب إلى إعادة صياغة مرتكزات التنمية المجالية، بما يدعم العدالة المجالية ويسهم في تثمين الإمكانات والموارد الترابية. المجلس الوطني لحقوق الإنسان أكد أن هذه الخطوة تأتي في إطار الخيارات الاستراتيجية للمملكة، التي تهدف إلى دمج الفئات المهمشة، مثل مزارعي القنب الهندي، في عجلة التنمية الوطنية، وذلك من خلال تحويل نشاطهم التقليدي إلى نشاط قانوني ومؤطر يساهم في الاقتصاد الوطني.
التزام دولي ومسؤولية جماعية
أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن العفو الملكي يندرج ضمن الممارسات الفضلى التي تم التأكيد عليها خلال المنتدى الدولي لتعزيز حقوق الإنسان في دورته المنعقدة بأكتوبر 2023. خلال هذا المنتدى، التزمت الدول بوضع سياسات مناسبة لمكافحة مشاكل المخدرات، في ظل نهج يرتكز على حقوق الإنسان والتنمية المستدامة.
وقد أكد المجلس أن هذا العفو الملكي يُعد ترجمة عملية لهذه الالتزامات الدولية، مما يعكس حرص المغرب على تبني سياسات متوازنة تراعي حقوق الإنسان وتساهم في التنمية المستدامة.
دور المفوضية السامية لحقوق الإنسان
في سياق متصل، تناول المجلس الوطني لحقوق الإنسان التقرير الذي قدمته المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول التحديات الناشئة في مواجهة المخدرات العالمية.
هذا التقرير، الذي استند إلى مساهمات من 100 دولة وأصحاب مصلحة آخرين، يعكس التحديات التي تواجه العالم في مجال مكافحة المخدرات، كما يبرز أهمية تبني سياسات توازن بين مكافحة هذه الظاهرة واحترام حقوق الإنسان. المجلس الدولي لحقوق الإنسان أكد أنه يتابع عن كثب تطبيق هذه المقاربة في السياسات العامة، مما يُعزز من مكانة حقوق الإنسان في إطار الجهود العالمية لمكافحة المخدرات.
يذكر أن العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو خطوة استراتيجية تعكس رؤية متكاملة للمملكة المغربية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز حقوق الإنسان.
ومن خلال هذه الخطوة، يُظهر المغرب مرة أخرى قدرته على التوفيق بين مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، مما يجعله نموذجًا يحتذى به في المنطقة وفي العالم.