يشهد الخلاف بين الجزائر وفرنسا حول ملف الصحراء المغربية تطورات متلاحقة، في الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقرر إجراؤها في 7 شتنبر 2024، هذا الخلاف يعقّد مرة أخرى محاولات حل قضايا الذاكرة المتراكمة بين البلدين منذ الحقبة الاستعمارية.
في نهاية يوليوز الماضي، أعلنت باريس دعمها لخطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، هذا الموقف الفرنسي الجديد يشكل بحسب خبراء “ضربة جديدة لقضية الذاكرة” بين البلدين، ويهدد “بإعادة إيقاظ جراح الماضي الاستعماري”.
الرواية الوطنية الجزائرية حول حرب الاستقلال لا تزال مهيمنة في البلاد، وتستغلها السلطات السياسية حسب متطلبات المرحلة، وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الجزائريين حساسون جداً تجاه هذه القضايا في خياراتهم السياسية الداخلية.
المشكلة تكمن في أن ملف الذاكرة لم يُحلّ بعد بشكل كامل، ولم ينجح في التحرر من السلطة السياسية في البلدين، فالجزائر لا تزال تطالب فرنسا بإعادة جماجم قادة المقاومة في بداية الاستعمار، وكذلك وثائق الأرشيف الأصلي للفترة الاستعمارية التي تم نقلها إلى فرنسا بعد الاستقلال.
ويرى مؤرخون أن الاعتراف بالاستعمار باعتباره “جريمة ضد الإنسانية” قد يكون أكثر ملاءمة لمعالجة هذه القضايا الحساسة بين البلدين، لكن هذا الاعتراف لا يزال بعيد المنال في ظل استمرار التوتر السياسي حول ملف الصحراء المغربية.
وخلاصة المطلب الجزائري في هذا الموضوع نيل اعتراف صريح من فرنسا بأن احتلالها للجزائر (استمر 132 سنة من 1830 إلى 1962)، كان “جريمة ضد الإنسانية”، وأن يتبع ذلك تقديم اعتذار. غير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبّر عن رفضه هذا المطلب، وقال في مقابلة صحافية مطلع 2023: “لست مضطراً لطلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كلّ الروابط (..) إن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول نحن نعتذر وكلّ منّا يذهب في سبيله”.
وبرأي ماكرون، فإن “عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً. عمل الذاكرة والتاريخ يعني الاعتراف بأن في طيات ذلك أموراً لا توصف، أموراً لا تُفهم… أموراً لا تُبرهَن، وأموراً ربما لا تُغتفر”.
للإشارة، لا يزال ملف الذاكرة محل سجال سياسي بين الطبقة السياسية الجزائرية ونظيرتها الفرنسية، خاصة من تيار اليمين المتطرف، الذي يرفض أن تعترف فرنسا بالجرائم المرتكبة في مستعمراتها.