هو مشهد سياسي يتكرر مع كل استحقاق انتخابي في الجزائر، يعود الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون إلى استحضار قضية الصحراء المغربية كورقة رابحة في حملته الانتخابية، هذا الأسلوب، الذي أصبح نمطا متكررا في السياسة الجزائرية، يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذا الخطاب المتكرر.
وفق محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، فإن “تصرفات تبون هذه ليست سوى محاولة لطمأنة الحكام الحقيقيين للجزائر” وهم القيادات العسكرية في الجيش الجزائري، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى تأكيد التزام تبون بالحفاظ على ما يسميه “شماعة العداء مع المغرب”، وهي السياسة التي تشكل حجر الزاوية في العقيدة السياسية للجيش الجزائري.
ويضيف المحلل السياسي أن هذه الاستراتيجية تخدم غرضين رئيسيين: أولاً، ضمان استمرار هيمنة العسكر على المشهد السياسي الجزائري، وثانيًا، تهميش الفاعلين المدنيين والسياسيين في عملية صنع القرار.
ومن جانب آخر، يرى رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن إقحام قضية الصحراء في الحملة الانتخابية يعمل كـ”ستار دخان”، يهدف إلى صرف انتباه الشعب الجزائري عن القضايا الداخلية الملحة. فبدلاً من مناقشة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤرق المواطن الجزائري العادي، يتم توجيه الأنظار نحو قضية خارجية، في محاولة لتمييع النقاش العام وتأجيل معالجة القضايا الحقيقية.
ومما يثير الاستغراب، كما يشير عبد الفتاح، هو التناقض الصارخ بين هذا الخطاب الانتخابي وموقف الجزائر الرسمي، ففي حين تحاول الجزائر في المحافل الدولية التنصل من مسؤوليتها في النزاع حول الصحراء، نجد أن هذه القضية تحتل مكانة محورية في السياسة الداخلية والخطاب الانتخابي.
وفي ذات السياق، تأتي الانتخابات الرئاسية بالجزائر في سياق سياسي متوتر بعد “الحراك” الذي اندلع في عام 2019، حيث خرج ملايين الجزائريين إلى الشوارع مطالبين بالتغيير، فبالرغم من أن الحراك أظهر رغبة قوية في التغيير، إلا أن الوباء والاعتقالات العديدة قد أثرت بشكل كبير على حركية الاحتجاجات، مما منح السلطة الوقت الكافي لترسيخ أقدامها.
وفي الانتخابات المقبلة، يواجه تبون مرشحين لم يبرزوا كقوى معارضة حقيقية، بل إن اختيار المرشحين يبدو أنه قد تم توجيهه لضمان استمرار تبون في الحكم.