يقترب المغرب من إقرار القانون التنظيمي للإضراب، الذي يعد استكمالاً لتنزيل دستور 2011، هذا المشروع، الذي يحمل رقم 97.15، يأتي تنفيذاً لأحكام الفصلين 29 و86 من الدستور، ويهدف إلى تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في المملكة.
بدأت رحلة هذا القانون في 6 أكتوبر 2016، عبر مسار طويل من المشاورات، حين أحالته الحكومة السابقة على مجلس النواب، ومنذ ذلك الحين، شهد المشروع مساراً طويلاً من المشاورات والمفاوضات، امتد لأكثر من 20 شهراً، تخللته ما يقارب 65 اجتماعاً مع مختلف الأطراف المعنية.
شملت هذه الاجتماعات الفرقاء الاجتماعيين، وممثلي القطاعات الوزارية، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة. كما عقدت لقاءات مع الوزراء والأمناء العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلاً، ورؤساء الاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية.
وفي إطار اتفاق 29 أبريل 2024، وبالحديث عن المبادئ الأساسية للقانون، أكد الشركاء الاجتماعيون على عدة مبادئ أساسية للقانون التنظيمي للإضراب، منها: ضمان انسجام المشروع مع الدستور والتشريعات الدولية، تأطير ممارسة حق الإضراب في القطاعين العام والخاص، وتدقيق المفاهيم المتعلقة بممارسة حق الإضراب، أيضا ضبط المرافق التي تتطلب حداً أدنى من الخدمة أثناء الإضراب، ثم تعزيز آليات الحوار والتصالح لحل نزاعات الشغل الجماعية.
وتركزت المفاوضات على عدة نقاط أساسية: تعريف الإضراب حيث أبدت الحكومة مرونة في التجاوب مع مطالب النقابات لعدم تقييد أنواعه، بما فيها السياسي والتضامني.
وبالحديث عن الجهة الداعية للإضراب، من المتوقع أن تتسع دائرة الجهات المخولة والتي لها الحق، استجابة للمطالب النقابية والحقوقية.
وأيضا آجال ومسطرة الإضراب، حيث يتجه الفرقاء نحو تقليص الإجراءات بشكل كبير لتمكين الإضراب من تحقيق أهدافه.
حماية حقوق المضربين، فقد تم التركيز على منع طرد العمال المضربين أو اتخاذ إجراءات تمييزية ضدهم.
إقرار حرية العمل للعمال غير المضربين كحق أساسي يوازي حق ممارسة الإضراب.
وتستأنف الحكومة مع الشركاء الاجتماعيين جولة حاسمة من المفاوضات يوم الجمعة 13 شتنبر 2024. ستجتمع مع ممثلي المركزيات النقابية الرئيسية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة أجوبتها حول ملاحظات ومطالب الشركاء الاجتماعيين.
وبعد التوصل إلى توافق نهائي، سيتم العودة إلى اللجنة البرلمانية في مجلس النواب لاستكمال المناقشة التفصيلية واعتماد الصيغة النهائية للقانون.
ويعتبر هذا القانون رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية وخطوة مهمة نحو توطيد السلم الاجتماعي، خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ في عدد الإضرابات في السنوات الأخيرة. كما يعكس التزام المغرب بتعزيز الحقوق والحريات النقابية، مع الحفاظ على التوازن بين مصالح العمال وأرباب العمل والمصلحة العامة.