صرّح حسن بن طالب، الباحث المتخصص في شؤون الهجرة واللجوء، بأن المغرب يشهد تزايدًا مستمرًا في تدفق المهاجرين غير النظاميين، وذلك نتيجة لمجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تدفع بالمزيد من الأشخاص، خصوصًا من دول جنوب الصحراء الكبرى، إلى المخاطرة بحياتهم في محاولة للوصول إلى أوروبا عبر الأراضي المغربية.
وأوضح بن طالب أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في العديد من البلدان الأفريقية، خاصة تلك التي تعاني من الفقر والبطالة والفساد، تساهم بشكل كبير في تفاقم أزمة الهجرة. كما أن تزايد النزاعات السياسية الداخلية، مثل الحروب الأهلية والصراعات المسلحة، يؤدي إلى تزايد أعداد المهاجرين الذين يسعون للهروب من الظروف المعيشية الصعبة في بلدانهم الأصلية. وأضاف أن الكثير من هؤلاء المهاجرين ينظرون إلى المغرب على أنه محطة عبور أساسية نحو الحلم الأوروبي، بالرغم من التحديات الأمنية الكبيرة والمخاطر التي يواجهونها أثناء رحلتهم.
وأشار الباحث إلى أن السلطات المغربية تبذل جهودًا كبيرة في التعامل مع هذه الظاهرة، خاصة من خلال تعزيز سياسات الهجرة ومراقبة الحدود بشكل صارم. كما تعمل الحكومة المغربية على توفير الدعم الإنساني لهؤلاء المهاجرين من خلال مراكز الاستقبال وتقديم المساعدات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية. ولكن بن طالب أكد أن هذه التدابير، رغم أهميتها، تبقى غير كافية لمواجهة الأزمة بشكل شامل وفعال.
وفي هذا السياق، دعا بن طالب إلى ضرورة تعزيز التعاون بين المغرب والدول الأوروبية، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي، بهدف وضع استراتيجيات مشتركة للتصدي لتدفقات الهجرة غير النظامية. واعتبر أن الحلول الأمنية وحدها لن تكون كافية، بل يجب التركيز على معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الناس إلى الهجرة.
كما شدد على أهمية دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المصدرة للمهاجرين، معتبرًا أن الاستثمار في التعليم، البنية التحتية، والرعاية الصحية، يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين الظروف المعيشية وتقليل دوافع الهجرة. واعتبر بن طالب أن الحلول طويلة الأمد يجب أن تشمل سياسات تنموية تسعى إلى خلق فرص عمل وتطوير الاقتصادات المحلية لتوفير بيئة مستقرة تمنع الشباب من التفكير في الهجرة كحل أخير للهروب من الفقر.
في النهاية، أكد بن طالب أن إدارة ملف الهجرة تتطلب تنسيقًا دوليًا أكبر، وتعاونًا فعالًا بين الدول المتضررة من هذه الظاهرة. ودعا إلى ضرورة وضع مقاربات إنسانية تأخذ بعين الاعتبار حقوق المهاجرين وكرامتهم، مع الالتزام بالقوانين الدولية المتعلقة باللجوء والهجرة. وأضاف أن المغرب، بحكم موقعه الجغرافي، يلعب دورًا محوريًا في هذا السياق ويجب دعمه من قبل المجتمع الدولي لتطوير سياسات شاملة ومستدامة للتعامل مع هذه القضية المعقدة.