قرر بنك المغرب تحديد سقف مستوى مصاريف التبادل النقدي الإلكتروني في نسبة 0,65 بالمائة من قيمة عمليات الأداء النقدي المحلي عبر البطائق البنكية الصادرة في المغرب.
وأشار بنك المغرب في بلاغ له إلى أن هذا القرار التنظيمي يؤطر مصاريف التبادل النقدي الإلكتروني المحلي التي تمثل نسبة الحصة التي تتقاضاها البنوك ومؤسسات الأداء من التجار برسم عمولة الأداء عبر البطائق البنكية.
وأوضح البنك المركزي أنه لا يمكن للتجار تحميل زبنائهم مصاريف الأداء بالبطاقات البنكية، وبالتالي فإن هذه المصاريف لا تؤثر على أسعار السلع أو الخدمات التي تؤدى بواسطة البطائق البنكية.
وأضاف المصدر ذاته أن هذا الإجراء يعد جزءا من صلاحيات بنك المغرب التي تشمل ضمان أمن أنظمة ووسائل الأداء. ويساعد هذا القرار التنظيمي على حماية زبناء مؤسسات الائتمان، كما يدعم جهود بنك المغرب في تطوير سوق الأداء الإلكتروني.
ويأتي هذا القرار في ظل ضعف البنية التحتية للدفع الإلكتروني بالمغرب، فحسب بعض الأرقام لا يتجاوز أعداد أجهزة الدفع الإلكتروني (T.P.E) الـ60 ألف جهاز في جميع ربوع المملكة، وهو رقم منخفض جدا، حيث لا تتوفر العديد من المتاجر على العديد على هذه الأجهزة وهو ما قد يوفر “مصدر إزعاج” خاصة للسياح الأجانب الذي اعتادوا الدفع الالكتروني في بلدانهم، وهو ما قد يصير مشكلة أكبر في ظل استعداد للمغرب لاحتضان تظاهرات دولية من أهمها كأس العالم لكرة القدم 2030.
وفي شرحه لأهداف القرار الجديد، أكد الخبير الاقتصادي ياسين اعليا أنه يهدف أساسا لوضع حد للفوضى التي كانت في هذا المجال، حيث كانت العمولة تُحدد من قبل الأبناك أو المؤسسات المعنية ولم تكن خاضعة لأي سقف، مبرزا أنه سيشجع التجار والحرفيين على تطبيق نظام الدفع الإلكتروني، حتى في القطاعات غير المهيكلة.
وعلى غير ما هو متداول، أكد ياسين اعليا أن هذا القرار لا علاقة له بالمستهلكين لأن العمولة دائما ما كان يتحملها البائع مقابل خدمة تحويل الثمن من الحساب البنكي للمستهلك إلى حسابه البنكي، خصوصا بعد قرار دورية لبنك المغرب ألغى فيه العمل بأي عمولة تفرض على المستهلكين، مؤكدا أن القرار يستهدف أساسا التجار لتعزيز جاذبية اعتماد خيار الدفع الإلكتروني بالنسبة لهم.
ضعف جاذبية هذا الخيار، ليس مقتصرا فقط على التاجر المغربي بل أيضا شركات الدفع الإلكتروني التي باتت تتجنب ولوج هذا السوق بالمغرب نظرا للاحتكار الذي كان يعرفه من قبل مركز النقديات (CMI) بسيطرته على أكثر من 97 بالمائة من حصة السوق، هذا الاحتكار الذي دفع بنك المغرب بناء على شكوى تقدمت بها شركة “نابس” (NAPS SA)، إلى إنجاز تحقيق له حول الموضوع بتنسيق مع بنك المغرب أكد فيه وجود “ممارسات مخالفة للمنافسة” أدت إلى ضعف العرض في هذا السوق.
فحسب نتائج تحقيق “دركي المنافسة”، فإن الخروقات التي تم توصل إليها من خلال التحقيق “تحد من تطور هذا السوق، وتؤدي إلى أن 1 بالمائة فقط من الدفع في المغرب تتم عبر الوسائل الإلكترونية”، في إشارة إلى التطور الضعيف لقطاع الدفع الإلكتروني خصوصا في ظل أزمة ارتفاع التداول بالنقد، مبرزا عدد من الالتزامات التي تقدمت به المركز والجهات الشريكة له (وهي تسع بنوك) بهدف تحسين أداء السوق التنافسي للمدفوعات الإلكترونية عبر البطاقة.
في هذا السياق، أكد الخبير اعليا أن قرار مجلس المنافسة بفتح المجال أمام الأبناك لكسر احتكار المركز المغربي للنقديات سيُعزز التنافس ويؤدي إلى اختلاف الأسعار بين العروض مع وضع سقف لها، مما سيساهم في زيادة إقبال التجار والمواطنين على الأداء الإلكتروني وتغيير العادات الاستهلاكية.
وتأتي كل هذه القرارات المتزامنة، في وقت تحول فيه بنك المغرب إلى حالة التأهب القصوى لوضع حد لمشكل ارتفاع “الكاش” في المغرب، حيث بات والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري يجدد مخاوفه من استمرار هذه الأزمة في كل خرجة إعلامية جديدة، وذلك بعد أن وصل الرقم إلى “مستويات مقلقة” هي “من بين أعلى النسب في العالم” مقارنة بناتج الداخلي الخام حسب تصريحات الوالي.
وبلغة الأرقام، فبرغم من ارتفاع عدد البطاقات البنكية المتداولة بالمغرب والتي وصلت إلى 20 مليون بطاقة خلال السنة الماضية بزيادة ناهزت الـ25 بالمائة عن الرقم المسجل سنة 2019، إلا أن 88 بالمائة من استخدمات هذه البطاقات مخصص فقط لعمليات السحب النقدي، حسب إحصائيات آخر تقرير سنوي لبنك المغرب.
وفي آخر خرجة له الأسبوع الماضي عقب الاجتماع الفصلي ما قبل الأخير لمجلس بنك المغرب هذه السنة، استعرض الجواهري جهود كل من مصر وكينيا في القضاء على تداول النقد بين مواطنيها، رغم تشابه وضعية الدولتين مع المغرب خاصة فيما يخص مشكل ارتفاع حجم القطاع غير المهيكل.