أعلن وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في الرباط، في وقت سابق، نية بلاده تعزيز حضورها القنصلي والثقافي في الصحراء المغربية من خلال إحداث رابطة فرنسية، وذلك عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
ويرى مراقبون أن هذا الإعلان قد يشير إلى عزم فرنسا افتتاح قنصلية في الأقاليم الجنوبية، في خطوة تعد الأولى من نوعها لدولة أوروبية، ويعكس هذا التوجه تحولا دبلوماسيا واضحا من فرنسا تجاه قضية الصحراء المغربية، كما يتماشى مع سياسة تعزيز الاستثمارات الفرنسية في جنوب المملكة، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة.
وتشمل الخدمات القنصلية المرتقبة مجالات متعددة، منها تقديم خدمات إدارية وثقافية واقتصادية تهم بالأساس المواطنين الفرنسيين، وكذلك الراغبين في الاستفادة من هذه الخدمات من المغاربة والمقيمين في المنطقة.
ومن بين هذه الخدمات إصدار شواهد الحالة المدنية للفرنسيين، وتقديم المساعدة للمستثمرين ورجال الأعمال، بالإضافة إلى الخدمات الثقافية وإصدار التأشيرات.
ومن المقرر أن ينتقل السفير الفرنسي في الرباط إلى مدينة العيون في الأسابيع المقبلة، مما يعزز التوجه نحو تعزيز الحضور الفرنسي في المنطقة. كما يتوقع أن تتم عملية تعزيز الحضور الفرنسي بشكل تدريجي، بدءا بإنشاء رابطة فرنسية تقدم خدمات ثقافية متنوعة، بما في ذلك مكتبة متعددة الوسائط وخدمات للطلبة الراغبين في الدراسة في فرنسا.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إلى المغرب وما صاحبها من أجواء إيجابية، كما تعكس ثقة فرنسا في مستوى الاستقرار الذي تشهده المنطقة وإدراكها للفرص الاستثمارية الكبيرة التي توفرها، خاصة مع إطلاق مشاريع كبرى ذات بعد إقليمي ودولي، مثل مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، ومشروع الواجهة الأطلسية الإفريقية.
ومن المتوقع أن تفتح هذه المبادرة الفرنسية الباب أمام دول أوروبية أخرى للقيام بخطوات مماثلة، خاصة في ظل توجه المغرب نحو تعزيز شراكاته الاقتصادية مع الدول التي تعترف بسيادته على كامل أراضيه. وتؤكد هذه التطورات الدور المتنامي للأقاليم الجنوبية كجسر للتعاون بين أوروبا وإفريقيا، وكمحور أساسي في استراتيجية المغرب للانفتاح على القارة الإفريقية.