السادس من نونبر من كل عام يرتدي المغرب حلة خضراء من الذكريات ويعزف التاريخ سمفونية النصر على أوتار الوحدة الوطنية شعارها صوت الحسن ينادي بلسانك ياصحراء…
هي ملحمة المسيرة الخضراء التي رسمت بأقدام مغاربة خريطة الوطن على رمال الصحراء، وكتبت بحروف من نور فصلاً جديداً في سجل التاريخ المغربيعبر المسيرة تعالى الصوت وكسرت الحدود حدود رسمها حاكم فرضا، وكسرها أبناء الأرض فرادا، فالبكاء على ذكرى وطن مغتصب حق، والوقوف أمام المحاكم الدولية حق، والقرع على أجراس الضمير العالمي حق. والحق ليس حقاً إذا كان صاحبه ضعيفا، وما كنا يوما بأمة ضعيفة ولكن كنا أحسن أمة أخرجت للناس.
350 ألف متطوع، ملؤوا أرض الصحراء بألوان الحرية والتوق الإنساني للتحرر واسترجاع أرضهم بالقرآن وصوت التحرير، مجسدين صورة التلاحم والاعتراف الإنساني بالسلم، والعودة لأرضهم وترابها وسد ظمئهم بمائها، والتشبت بهويتهم فالهوية هي ما استوطنت الوجدان.
أو لم يتذكروا يوما كنا نتغى بوطني وطني/ وفي صباحات الهامدين نردد النشيد الوطني بصوت واحد.
السادس نونبر 1975 اليوم الحافل الذي نجح فيه الراحل الملك الحسن الثاني في إحاطة ترتيبات المسيرة، تنظيميا ولوجستيا، بالسرية على مدى عدة شهور قبل ساعة الصفر، فتجسدت اللحظة في كلمتان المسيرة الحضراء، فلا تكون إبهارا عابرا، يخطف العين لحظة وتترك الروح خاوية بل تلازم وتكامل شعارها الإنسان والأرض والوطن، فماشاء الله سيكون وكان.
لكل مطلب استجابة فاستجابت اسبانيا آنذاك عبر توقيع اتفاقية مدريد التي خرجت بمجوبها من الصحراء المغربية، لتلتئم الأٍرض بأبنائها، الصورة أجمل والثوابت على حالها والوطن لازال على عهد باقي.
اليوم المغرب يقود مسيرة أخرى، مسيرة التنمية والتشييد بأقاليمه الجنوبية، فما كان حلما بالأمس صار حقيقة اليوم، لتكتمل الرسالة ويواصل أبناء الوطن مسيرة الدفاع دفاع صار عقيدة فالوطن فوق اعتبار.
يخلد المغرب اليوم الأربعاء الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة، كملحمة تاريخية ستبقى خالدة. واحتفالات هذه السنة تأتي في سياق دولي وإقليمي مختلف، تطبعه الدينامية المتجددة والمتطورة في تعامل المغرب مع ملف الصحراء المغربية بقيادة الملك محمد السادس حفظه الله، وما حققته الدبلوماسية المغربية من انتصارات واختراقات وسحب للاعترافات من تحت بساط الكيان الوهمي ومن يقف بجانبه من كابرانات الجارة وصُناع الاستعراضات العسكرية بطعم الخردة والأسلحة المستعملة.