كشف تقرير بعنوان “المراكز الجهوية للاستثمار: في الحاجة لإصلاح الإصلاح”، عن تحديات هيكلية تواجه المراكز الجهوية للاستثمار بعد مرور خمس سنوات على اعتماد القانون رقم 47.18.
ويهدف القانون إلى تحسين تدبير الاستثمار بنظام لامتمركز، غير أن التقرير دعا إلى إجراء تعديلات جديدة لتعزيز فعالية تلك المراكز وتحقيق الأهداف المنشودة.
وأوضح التقرير أن نقل الصلاحيات من الحكومة المركزية إلى الجهات لم يحقق بعد الأهداف المتوقعة، فقد خُطط لنقل 44 اختصاصًا إلى الجهات، إلا أنه حتى سبتمبر 2023، تم نقل 15 اختصاصًا فقط، وفقًا للمجلس الأعلى للحسابات.
وعزا التقرير هذا التعثر إلى تباطؤ الإجراءات الإدارية وتعقيد التشريعات، مما يستدعي تسريع نقل الصلاحيات وتفعيل دور الجهات في تدبير سياسة الاستثمار.
وتطرق التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات، وأعده الباحث عبد الرفيع زعنون، إلى التفاوت في توزيع الاستثمارات بين جهات المملكة، حيث تتركز غالبية الاستثمارات في محور طنجة-الجديدة، ما يفاقم الفجوة بين المناطق المتقدمة وتلك التي تعاني من نقص في البنية التحتية.
وشدد على أهمية تحقيق العدالة المجالية في توزيع الاستثمارات، عبر تدابير تمييز إيجابي لتنمية المناطق الهشة وتعزيز التوازن التنموي.
وأشار التقرير إلى تحدٍ آخر يتعلق بفعالية المشاريع الاستثمارية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، فرغم ارتفاع حجم الاستثمارات، إلا أن الأثر التنموي ما زال محدودًا، مع عدد وظائف محدثة سنويًا غير كافٍ بالنظر إلى تزايد عدد السكان النشطين.
ودعا إلى مراجعة الحوافز المقدمة للمستثمرين، وربطها بتحقيق مؤشرات تساهم في التنافسية الترابية وتدعم العدالة المجالية وتوفر فرص عمل مستدامة.
ونبّه التقرير إلى ازدواجية الحوافز الممنوحة للمستثمرين بين المراكز الجهوية والمجالس الجهوية، حيث قدمت الأخيرة دعمًا ماليًا بقيمة 300 مليون درهم بين 2019 و2022. وأكد التقرير على ضرورة توحيد حزم الحوافز لتجنب التضارب وتعزيز فاعلية التحفيز الاستثماري.
كما شدد التقرير على ضرورة تعزيز التنسيق بين الجهات المسؤولة عن تدبير الاستثمارات، سواء عبر إدماج الجهات في أنظمة الدعم أو بإنشاء آلية تنسيق دائمة، لتحقيق استفادة مشتركة من البيئة الترابية، وتعظيم الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للاستثمار وأهداف التنمية المستدامة.
وأكد التقرير أن القانون رقم 47.18 أحدث نقلة نوعية في ديناميكية الاستثمار الجهوي، لكن لم يصل بعد إلى المستوى المأمول من الفعالية.
ومن هنا، دعا التقرير إلى “إصلاح الإصلاح” من خلال تعديلات جديدة تدعم التنسيق بين الجهات، وتسرّع من نقل الصلاحيات، مع تحقيق توازن في توزيع الاستثمارات وتعزيز العدالة المجالية لخلق بيئة ترابية محفزة للاستثمار.
وقد اعتمد القانون رقم 47.18 في عام 2019 لتجاوز مشكلات التدبير اللامتمركز للاستثمار الذي أطلق في 2002، بهدف تحسين الهيكل التنظيمي والوظيفي للمراكز الجهوية للاستثمار وتأسيس اللجان الجهوية الموحدة، مما يسهم في تسريع معالجة طلبات الاستثمار وتعزيز حجم الاستثمارات في الجها