أوضحت وفاء حجي، رئيسة منتدى الفكر والمواطنة، أن الحديث عن اليسار في المغرب يستدعي مقاربتين أساسيتين، المقاربة الأولى وصفية تتتبع المسار التاريخي الطويل منذ منتصف القرن العشرين، بما يحمله من مشاريع وطموحات ونزاعات أدت إلى المشهد الحزبي الراهن.
أما المقاربة الثانية، حسب ما أوضحته المتحدثة، خلال ندوة علمية تحت عنوان “حاضر ومستقبل اليسار”، فتركز على الإنجازات التي تحققت في مسيرة بناء الدولة الحديثة، مع الإقرار بأن الطريق ما زال طويلاً لتحقيق مجتمع العدالة المنشود.
واستعرضت حجي المسار التاريخي لليسار المغربي الذي تشكل عبر مواجهات متعددة: من النضال ضد الاستعمار الفرنسي، إلى المواجهة مع المخزن، وصولاً إلى الصراع بين الحداثيين والإسلاميين. وعبر هذا المسار، حمل اليسار مطالب ثابتة تمثلت في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة وفصل السلطات والعلمانية وسيادة القانون.
وأشارت وفاء حجي إلى أن اليسار المغربي حقق مكتسبات مهمة، منها الحصول على الاستقلال النقدي عبر تأسيس بنك المغرب، وتطوير المؤسسات المالية، وتحديث العالم القروي من خلال المكتب الوطني للري ومكاتب التثمين الزراعي. كما ساهم في تعزيز القطاع العمومي وتحديثه، والنضال من أجل الديمقراطية والمساواة، وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
غير أن اليسار يواجه اليوم تحديات كبيرة، أبرزها بروز النخبوية داخل الأحزاب وإقصاء المناضلين الميدانيين، مما أدى إلى انفصال الأحزاب عن واقع المواطنين وفقدان شرعيتها، كما يواجه اليسار أزمة في خطابه الذي لم يعد يلبي تطلعات الأجيال الجديدة، خاصة في قضايا المساواة بين الجنسين والتنمية المستدامة وحماية البيئة. حسب المتحدثة.
واقترحت وفاء حجي مجموعة من الحلول لتجاوز هذه التحديات، على رأسها توضيح المسألة الأيديولوجية وتجديد الخطاب السياسي بما يتناسب مع اهتمامات الشباب. كما تؤكد على ضرورة تعلم العمل المشترك وتحديد معارك مشتركة دون إقصاء الآخر، مع تعزيز العلاقات مع القوى اليسارية في منطقة البحر المتوسط.
واختتمت المتحدثة نفسها، بالتأكيد على أن تجديد اليسار وإعادة بناء الثقة مع المواطنين مسؤولية جماعية، تتطلب الحفاظ على القيم الأساسية مع تطوير آليات العمل والتواصل مع المجتمع، لضمان استمرار دوره في بناء مغرب المستقبل.
