يشهد العالم اليوم تحديات “غير مسبوقة” تتمثل في صعود تيار الشعبوية وأحزاب اليمين المتطرف على المستوى العالمي، حيث في ألمانيا، حصل حزب من أقصى اليمين على 15% من الأصوات، في تطور وصفه مارتن شولتس، رئيس مؤسسة فريدريش إيبرت، بأنه “كان من ضرب المستحيل”.
وأشار شولتس في ندوة علمية، إلى تراجع مقلق في القيم والإنجازات الحضارية التي كانت مصدر فخر، خاصة في أوروبا، محذرا من خطورة نسيان الماضي وتجاهل الدروس التاريخية المؤلمة من الحروب والصراعات، مؤكداً أن جيل الشباب اليوم لا يدرك بشكل كافٍ عمق هذه المآسي التاريخية.
وتواجه الحركات اليسارية تحديات متباينة حسب المناطق الجغرافية، فاليسار الأفريقي يواجه واقعاً مختلفاً عن نظيره في آسيا أو أمريكا اللاتينية.
وكد شولتس أن الحلول يجب أن تتكيف مع خصوصيات كل منطقة، مع الحفاظ على القواسم المشتركة والتطلعات الموحدة.
واستذكر شولتس لحظة تاريخية من 42 عاماً مضت، حين جمع اجتماع الأممية الاشتراكية في أثينا بين ياسر عرفات وإسحاق رابين، مستاء لغياب مثل هذه الشبكات اليوم التي كانت تسهل التنسيق بين القوى اليسارية في عصر العولمة.
وحدد شولتس ثلاثة مبادئ أساسية يجب أن توحد القوى اليسارية: احترام الفرد وكرامته الإنسانية، والتسامح مع الآخر وتقبل وجهات النظر المختلفة، وخلق إطار للتعامل على أساس الكرامة والاحترام المتبادل.
وحذر من خطورة المد الرأسمالي المفرط الذي يسعى لتقويض دور الدولة لصالح القطاع الخاص، منتقدا النموذج الأمريكي الحالي المبني على غياب الاحترام والتسامح، مؤكداً أن الحلول الاقتصادية وحدها لن تعالج المشاكل الاجتماعية والسياسية.
وتعمل مؤسسة فريدريش إيبرت، من خلال 104 مكاتب حول العالم، على تجميع وجهات نظر الأحزاب اليسارية وتنسيق استراتيجياتها، معترفا بصعوبة المهمة بعد تدمير الهياكل السياسية التي كانت تجمع هذه القوى.
وختتم شولتس بالتأكيد على أن تراجع قيم التضامن والتسامح في الديمقراطيات الكبرى سينعكس حتماً على باقي مناطق العالم، داعيا إلى ضرورة مواجهة هذا التحدي من خلال إعادة بناء شبكات التضامن اليساري العالمي، مع الحفاظ على المبادئ الأساسية وتكييف الاستراتيجيات مع الظروف المحلية.