في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أعلنت الحكومة عزمها التصويت لأول مرة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام.
هذا القرار، المتوقع التصويت عليه في 15 ديسمبر 2024، يشكل تحولًا في موقف المملكة التي امتنعت سابقًا عن التصويت على قرارات مشابهة.
ويرى وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن هذه الخطوة تعكس التزام المغرب بتعزيز حماية الحق في الحياة تماشيًا مع الفصل 20 من الدستور، الذي ينص على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان”، إلا أن هذه الخطوة أثارت ردود فعل متباينة، لا سيما من حزب العدالة والتنمية، الذي عبر عن موقفه المبدئي والثابت تجاه الإبقاء على عقوبة الإعدام في الجرائم الأشد خطورة.
فالحكومة ترى في التصويت المقبل خطوة نحو تعزيز حقوق الإنسان وتكريس مكانة المملكة كدولة متقدمة في مجال العدالة الإنسانية.
وأوضح وزير العدل أن التصويت الإيجابي لا يعني بالضرورة إلغاء العقوبة، بل هو تأكيد على التزام المملكة بالحوار المجتمعي والخصوصيات الوطنية. ويؤكد الوزير أن القرار يعكس رؤية متقدمة توازن بين الانفتاح على الالتزامات الدولية واحترام الأبعاد الاجتماعية والدينية للمجتمع المغربي.
من جانبه، شدد حزب العدالة والتنمية على أن عقوبة الإعدام تبقى ضرورة في الجرائم المتعلقة بالقتل العمد والاعتداء على الحق في الحياة، معتبرًا أنها تُمثل القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم.
ويرى الحزب أن هذه العقوبة تلبي شعور الإنصاف للمجتمع وذوي الضحايا، وتسهم في تهدئة الرأي العام.
وأشار الحزب إلى أن المغرب حقق تقدمًا كبيرًا في تقليص حالات الإعدام، حيث خفض قانون القضاء العسكري لعام 2013 عدد الحالات الموجبة للعقوبة من ستة عشر إلى خمس حالات. كما أشاد الحزب بمشروع قانون المسطرة الجنائية الذي يضبط شروط الحكم بعقوبة الإعدام، بما يضمن توازنًا بين معاقبة الجرائم الجسيمة وتوفير محاكمات عادلة.
التباين في المواقف بين الحكومة وحزب العدالة والتنمية يعكس جدلية قائمة حول عقوبة الإعدام في المغرب. فرغم تعليق تنفيذ العقوبة منذ عام 1993، إلا أن إلغاؤها يظل موضوعًا حساسًا يتطلب نقاشًا مجتمعيًا واسعًا.
الحكومة تؤكد أن التصويت المقبل لا يهدف إلى الإلغاء، بل إلى تعزيز الحوار حول مستقبل هذه العقوبة، في حين يصر حزب العدالة والتنمية على ضرورة الإبقاء عليها في الجرائم الأشد خطورة.
هذه الخطوة تعيد إلى الواجهة التحديات التي تواجه المغرب في تحقيق توازن دقيق بين احترام التزاماته الدولية ومراعاة خصوصياته الوطنية، فبينما يعتبر البعض أن التصويت لصالح القرار الأممي يمثل انفتاحًا على حقوق الإنسان، يرى آخرون أنه لا يجب أن يكون مقدمة لإلغاء عقوبة يرى فيها المجتمع المغربي وسيلة لتحقيق العدالة.