أصبح المغرب محورا رئيسيا في السباق العالمي نحو صناعة السيارات الكهربائية، وفقًا لتقرير صادر عن برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع لمعهد تشاتام هاوس.
التقرير كشف عن الأهمية الاستراتيجية للمملكة المغربية، خصوصا بعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، التي تمت خلال عودته من قمة مجموعة العشرين في البرازيل، في خطوة تُبرز الدور الذي قد يلعبه المغرب في صناعة السيارات الكهربائية عالميًا.
زيارة شي جين بينغ جاءت في سياق مواجهة الصين لسياسات حمائية متزايدة في الأسواق الغربية، حيث تسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للحد من هيمنة بكين على سلاسل التوريد المرتبطة بالطاقة النظيفة.
الاتحاد الأوروبي، من جانبه، يخطط لتعزيز “الحكم الذاتي الاستراتيجي المفتوح” في إطار “الصفقة الخضراء”، بهدف تقليل الاعتماد على الصين. في المقابل، تناقش إدارة بايدن فرض قيود على واردات السيارات الكهربائية الصينية، وسط مخاوف أمنية تتعلق بحماية البيانات.
المغرب: شريك استراتيجي ومستفيد اقتصادي
يعد المغرب شريكا استراتيجيا للصين منذ انضمامه إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2017، يتمتع بموقع جغرافي مميز يجعله قريبًا من الأسواق الأوروبية والإفريقية والأمريكية. كما يمتلك المغرب بنية تحتية متطورة واتفاقيات تجارة حرة، مما يعزز مكانته كوجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، خصوصًا في قطاع السيارات الكهربائية.
من بين المشاريع الكبرى التي يشارك فيها المغرب، مشروع إنشاء مصنع ضخم لبطاريات السيارات الكهربائية بالقرب من الرباط، بقيمة 6.4 مليار دولار، والذي سيكون الأكبر من نوعه في إفريقيا.
كما تسهم الشركات الصينية في تطوير البنية التحتية للنقل بالمغرب، بما في ذلك مشروع السكك الحديدية عالية السرعة بين القنيطرة ومراكش.
فرص وتحديات متشابكة
رغم الفرص الكبيرة، يشير التقرير إلى أن المغرب يواجه تحديات وضغوطًا كبيرة. فمن جهة، تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها التجاري في المملكة، ومن جهة أخرى، يمارس الغرب ضغوطًا لمحاصرة التوسع الصيني، ومع ذلك، تسعى الرباط إلى تحقيق توازن دقيق في سياستها الخارجية، مستفيدة من استقلالها السياسي والاقتصادي عن النفوذ التقليدي لفرنسا، مع الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة وأوروبا.
ويأتي هذا التوازن في وقت تمثل فيه الأسواق الأوروبية والأمريكية 90% من صادرات السيارات المغربية، ما يجعل المغرب مضطرًا لمراعاة مصالح هذه الدول دون التضحية بتعميق شراكته مع الصين.
وإذا نجحت الرباط في استثمار هذه الفرص، فقد تقدم نموذجًا يُحتذى به للدول النامية في الجنوب العالمي، يظهر قدرتها على استثمار التحديات وتحويلها إلى مكاسب اقتصادية.
يذكر أن نجاح المغرب في هذا المضمار سيعتمد على قدرته على إدارة التحديات وتحقيق توازن دقيق بين القوى الكبرى، بما يحفظ سيادته ويعزز استقراره الاقتصادي. الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان المغرب سيتمكن من الحفاظ على مصالحه الاستراتيجية وتحقيق طموحاته الاقتصادية في ظل التحديات المتزايدة.