في كلمته خلال المؤتمر الدولي للأممية الاشتراكية المنعقد في مدينة الرباط، سلط الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، الضوء على التجربة المغربية، مؤكدًا أن المغرب نجح، رغم التحديات الكبرى التي واجهها، في بناء نموذج ديمقراطي وتنموي استثنائي عزز مكانته إقليميًا ودوليًا.
وأكد لشكر أن المملكة، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من القارة الإفريقية، استطاعت بفضل حكمتها السياسية وعدالة قضيتها الوطنية أن تحول قضية وحدتها الترابية من تحدٍ مستعصٍ إلى رافعة قوية لتعزيز بناء الدولة الحديثة. وأضاف أن التوافق الوطني بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، بقيادة المؤسسة الملكية، أسس قاعدة صلبة للاستقرار والتنمية، مما جعل المملكة نموذجًا يحتذى به في منطقة تعج بالتقلبات.
وأوضح المسؤول الحزبي أن المغرب حقق قفزات نوعية في مجال الإصلاحات السياسية، التي ساهمت في إرساء دعائم دولة ديمقراطية متفردة في محيطها الإقليمي والقاري. وأبرز أن هذه الإصلاحات لم تكن مجرد شعارات، بل تجسدت في سياسات ملموسة ومؤسسات قوية نجحت في التكيف مع المتغيرات العالمية، وجعلت من المغرب ركيزة للاستقرار والتوازن في القارة الإفريقية.
وفي السياق التنموي، أشار لشكر إلى المشاريع الكبرى التي أطلقتها المملكة، والتي تركز على الإنسان باعتباره محورًا أساسيًا للتنمية الشاملة. وأوضح أن هذه المشاريع تجاوزت تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، لتصبح جزءًا من رؤية وطنية تهدف إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز العدالة الاجتماعية بما يخدم تحسين حياة المواطنين ورفع مستوى معيشتهم.
كما شدد لشكر على خصوصية النموذج المغربي في التعايش الثقافي والديني، مؤكدًا أن المملكة نجحت في بناء مجتمع ينصهر فيه التنوع الثقافي والديني في إطار الوحدة الوطنية. واعتبر أن هذا التميز يجعل من المغرب نموذجًا فريدًا للانفتاح والتسامح، قادرًا على المساهمة الفاعلة في تحقيق التنمية والاستقرار في قارة إفريقية تتطلع إلى المستقبل.
وعلى صعيد القضايا الدولية، أشار لشكر إلى التحديات المتزايدة التي تواجه القارة الإفريقية، مشيرًا إلى مفارقة الجمع بين الأزمات والفرص. وأكد أن القيم الإنسانية التي تحكم الحركة الاشتراكية الديمقراطية، مثل العدالة والمساواة والتضامن، تظل أدوات فعالة لبناء عالم أكثر إنصافًا وتوازنًا.
وفي معرض حديثه عن ملف الهجرة، دعا لشكر إلى تبني سياسات دولية عادلة ومنظمة لضمان حقوق المهاجرين وصون كرامتهم الإنسانية. وأشار إلى أن الهجرة يمكن أن تشكل جسرًا للتفاهم بين الشعوب وأداة لتبادل الثقافات إذا أُديرت بشكل صحيح، محذرًا في الوقت ذاته من المخاطر الأمنية التي قد تنجم عن بعض أشكال الهجرة غير النظامية، مثل الإرهاب والاتجار بالبشر.
وبالانتقال إلى القضية الفلسطينية، أكد لشكر أن الشعب الفلسطيني يعاني من أطول النزاعات الإنسانية والسياسية في العصر الحديث، داعيًا المجتمع الدولي إلى الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة. وأبرز أن تحقيق السلام العادل والشامل يقتضي إرادة سياسية حقيقية تضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
واختتم لشكر كلمته بدعوة الأممية الاشتراكية إلى استعادة دورها الريادي في الدفاع عن القيم الإنسانية المشتركة وتعزيز العدالة العالمية، مؤكدًا أن بناء نظام دولي أكثر عدلًا وإنصافًا يتطلب التزامًا مشتركًا بقيم التضامن الإنساني والكرامة.