تمكن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، من تمرير مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بعد أن صادق عليه مجلس النواب مساء أمس الثلاثاء خلال جلسة عمومية مطولة استمرت لأكثر من عشر ساعات.
وحظي المشروع بموافقة 124 نائبًا، فيما عارضه 41 نائبًا، وهو ما يعكس تباين الآراء حول هذا النص القانوني الذي يهدف إلى تنظيم ممارسة الإضراب في المغرب.
خلال الجلسة، تمت دراسة أكثر من 330 تعديلاً قدمتها الحكومة والفرق النيابية والنائبان غير المنتسبين. وأكد يونس السكوري في كلمته أن المصادقة على هذا القانون تمثل “مسؤولية تاريخية”، حيث يسعى المشروع إلى تحقيق توازن بين تعزيز الحريات النقابية وضمان استمرارية الخدمات والمصالح الاقتصادية. وأوضح أن القانون يحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية تتطلب نقاشًا جادًا ومراعاة المصالح العليا للوطن بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.
وأضاف السكوري أن الحكومة تلتزم بمسار حقوقي متكامل ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية، خاصة خطاب الملك محمد السادس في افتتاح الدورة البرلمانية عام 2015، الذي أكد فيه أهمية تنزيل القوانين التنظيمية المرتبطة بالحقوق والحريات. وشدد على أن هذا النص يندرج ضمن الإصلاحات الكبرى التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها لضمان استقرار سوق العمل وتعزيز العدالة الاجتماعية.
أبرز التعديلات التي أُدخلت على مشروع القانون شملت استهلال النص بديباجة تتضمن المبادئ العامة والمرجعيات الأساسية التي تؤطر ممارسة حق الإضراب، بالإضافة إلى إضافة فروع جديدة تتعلق بالتعاريف، ومجالات التطبيق، والمبادئ العامة. كما تم الاتفاق على صيغة توافقية للمادة 4، التي تحدد الأطراف المخولة بممارسة الإضراب، مع حذف المقتضيات التي كانت تمنع الإضراب لأهداف سياسية.
وشملت التعديلات أيضًا إعادة صياغة المادة 12، التي كانت تمنع الإضراب بالتناوب، لتصبح مخصصة لتحديد الإجراءات والآجال اللازمة لدعوة الإضراب في القطاعين العام والخاص. كما تم تعديل المادة 16، بحيث تحدد المهام المتعلقة بالجهة الداعية للإضراب، بما يشمل تأطير المضربين وإدارة العملية بشكل يضمن تنظيمها واحترام القانون.
تميزت الجلسة بتوافق واسع بين مختلف الفرق البرلمانية حول العديد من التعديلات، حيث قدمت فرق المعارضة والموالاة، بما في ذلك الفريق الاشتراكي، الفريق الحركي، فريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، مقترحات نالت موافقة الحكومة. وأسفر هذا التوافق عن صياغة قانونية تعكس توازنًا بين حماية حقوق العمال وضمان استمرارية المرافق والخدمات.
وأشار الوزير إلى أن هذا القانون يمثل خطوة هامة نحو تقنين ممارسة الإضراب بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحافظ على التوازن الاقتصادي. وأضاف أن الحكومة تسعى إلى مواصلة الحوار مع جميع الأطراف المعنية لضمان تنفيذ القانون بشكل يحقق الأهداف المرجوة.
بالمصادقة على مشروع قانون ممارسة حق الإضراب، يدخل المغرب مرحلة جديدة من تنظيم الحريات النقابية، بما يعزز التزامه بالمبادئ الدستورية ويكرس جهوده نحو تعزيز دولة القانون والمؤسسات.