أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس التونسي قيس سعيد حول “حق الشعوب في تقرير مصيرها” موجة من التساؤلات والتحليلات حول موقف تونس من قضية الصحراء المغربية، في وقت لا تزال فيه العلاقات بين البلدين تشهد حالة من الفتور الدبلوماسي.
وجاءت هذه التصريحات خلال استقبال سعيد لوزير خارجية بلاده في قصر قرطاج، حيث أكد على ما وصفه بـ”الثوابت الراسخة” للدبلوماسية التونسية.
وينكشف، حسب تقارير صحفية، تحليل الموقف التونسي الحالي عن تحول في النهج الدبلوماسي التقليدي للبلاد، فتناول مفهوم تقرير المصير في بيان رئاسي دون ربطه بمبدأ احترام الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للدول يثير تساؤلات جوهرية حول التوظيف السياسي لهذا المفهوم القانوني، خاصة في ظل حساسية القضية في المنطقة المغاربية.
وأشارت تحليلات مراقبين في هذا الصدد، إلى أن تونس تواجه معضلة دبلوماسية حقيقية في موقفها من قضية الصحراء المغربية، فمن جهة، تسعى للحفاظ على علاقاتها التاريخية مع المغرب، ومن جهة أخرى، تحاول تجنب الانحياز الصريح في هذا النزاع الإقليمي المعقد، هذا الموقف المتذبذب قد يضعف المكانة الإستراتيجية لتونس في المنطقة المغاربية.
وأكد خبراء في الشأن السياسي، أن محاولات إصلاح العلاقات بين البلدين تواجه تحديات كبيرة، فرغم المساعي التونسية لطي صفحة الخلاف وإعادة السفراء إلى مناصبهم، إلا أن المغرب يبدو متمسكا بموقفه الذي يربط العلاقات الدبلوماسية بموقف واضح وصريح من قضية الصحراء المغربية.
وأشارت ذات المصادر، إلى أن تونس بحاجة إلى إعادة تقييم سياساتها الإقليمية وتبني رؤية سياسية أكثر وضوحا تراعي التوازنات الإقليمية وتحافظ على مصالحها الإستراتيجية، مضيفة أن التحولات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة تتطلب مواقف دبلوماسية واضحة وثابتة، بعيدا عن الغموض الذي قد يؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات البينية.
وتبقى التساؤلات مطروحة حول قدرة تونس على إيجاد توازن دقيق في موقفها من قضية الصحراء المغربية يسمح لها بالحفاظ على علاقاتها مع المغرب دون التخلي عن ما تعتبره “ثوابت” سياستها الخارجية. فمستقبل العلاقات المغربية التونسية يبدو مرهونا بمدى قدرة تونس على تقديم موقف واضح وصريح من هذا الملف الحساس.
وفي ظل هذه المعطيات، يظهر أن العلاقات المغربية التونسية تمر بمنعطف دقيق يتطلب معالجة دبلوماسية حكيمة تراعي مصالح البلدين وتحافظ على استقرار المنطقة المغاربية.