كشف تقرير برلماني حديث عن أزمة عميقة تعيشها الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب على مستوى الموارد البشرية، وهي أزمة تنعكس بشكل مباشر على جودة خدماتها وتسيير بنيتها التحتية.
التقرير أشار إلى تراجع عدد الموظفين الرسميين في الشركة خلال العقد الأخير، حيث انتقل من 550 إلى 440 موظفاً، وهو انخفاض حاد في مؤسسة تعتمد على التأطير التقني المكثف لتسيير شبكة وطنية تضم آلاف الكيلومترات من الطرق السيارة.
غياب الكفاءات المؤهلة يمثل تحدياً كبيراً للشركة حسب التقرير ،إذ فقدت المؤسسة حوالي 122 موظفاً، من بينهم 77 إطاراً كانوا يشكلون العمود الفقري للتأطير التقني والإداري،كما أن هذه المغادرة أثرت سلباً على قدرة الشركة على تحقيق استقرار مؤسسي، مما دفعها إلى اللجوء إلى مكاتب دراسات أجنبية لإعادة هيكلتها وتنظيمها، دون تحقيق نتائج ملموسة على مستوى تحسين التأطير أو استعادة الكفاءات المفقودة.
وفي ظل هذا الوضع حسب التقرير فقد تتزايد احتجاجات عمال المناولة الذين يمثلون حوالي 50% من العاملين بمحطات الأداء، أي ما يقارب 900 عامل. هؤلاء العمال يعانون من ظروف عمل غير مستقرة، مع غياب آليات فعالة للحوار الاجتماعي وتحسين ظروفهم المهنية.
وحسب ذات التقرير فالاحتقان المتصاعد داخل صفوف عمال المناولة يعكس غياب استراتيجية واضحة لإدارة الموارد البشرية في الشركة، مما يزيد من هشاشة العلاقة بين المؤسسة وموظفيها.
التقرير لم يتوقف عند هذه النقطة، بل أشار إلى ضعف التأطير داخل الشركة مقارنة بطبيعة عملها التقني الذي يتطلب كفاءات متخصصة. نقص الأطر المؤهلة أثر بشكل مباشر على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بتشغيل محطات الأداء وإدارة حركة المرور.
ومع تصاعد الاعتماد على وسائل الأداء الإلكتروني مثل خدمة “جواز”، زادت الضغوط على العاملين في الميدان، مما أدى إلى اكتظاظ متكرر في محطات الأداء واحتقان في صفوف المستخدمين.
وتواجه الشركة تحدياً كبيراً في ظل ضعف استراتيجياتها لإدارة الموارد البشرية واستقطاب الكفاءات. الموارد البشرية تشكل القلب النابض لأي مؤسسة، ومع ذلك، فإن التراجع المستمر في عدد الموظفين الرسميين وغياب رؤية واضحة لتعزيز التأطير يضع الشركة أمام معضلة حقيقية تعيق قدرتها على تحقيق أهدافها التنموية وضمان استدامة خدماتها.
الوضع الحالي يتطلب تدخلاً عاجلاً لتبني سياسات جديدة لتحسين إدارة الموارد البشرية داخل الشركة. من الضروري العمل على استقطاب الكفاءات الوطنية، تحسين ظروف العمل، وتعزيز الحوار الاجتماعي مع العمال لتخفيف حدة الاحتقان، كما يجب التركيز حسب التقرير على تطوير خطط تأطير فعالة تسهم في تحقيق التوازن بين احتياجات الشركة وتطلعات موظفيها.
يذكر أن أزمة الموارد البشرية ليست مجرد قضية داخلية، بل هي انعكاس مباشر لمدى جاهزية الشركة لمواكبة التحديات المستقبلية وضمان استدامة خدماتها الأساسية.