في عرضها أمام البرلمان المغربي، قدّمت زينب العدوي، الرئيسة الأولى للمجلس الأعلى للحسابات، التقرير السنوي للمجلس حول أنشطته لعام 2024-2023.
التقرير الذي تم رفعه إلى جلالة الملك ونشر في الجريدة الرسمية في ديسمبر 2024، ألقى الضوء على أهم المستجدات الاقتصادية والمالية التي شهدتها المملكة، مشيرًا إلى بعض التحسينات، لكن أيضًا إلى التحديات المستمرة التي تواجه المالية العمومية في المغرب.
تحسن في المؤشرات الاقتصادية رغم الضغوط العالمية
قدمت زينب العدوي في تقريرها تحليلاً إيجابيًا للعديد من المؤشرات الاقتصادية في المغرب، مشيرة إلى أن النمو الاقتصادي في عام 2023 شهد تحسنًا ملحوظًا، حيث ارتفع من 1.5% في 2022 إلى 3.4%.
هذا التحسن يعكس القدرة على التعافي رغم تحديات الجفاف المستمر والتحولات الاقتصادية العالمية. وتوقعت العدوي أن يتراجع النمو إلى 2.6% في نهاية عام 2024، لكن الأفق يبقى إيجابيًا حيث يُتوقع أن يرتفع إلى 3.9% في عام 2025.
وأما التضخم، فقد شهد انخفاضًا طفيفًا، حيث تراجع من 6.6% في 2022 إلى 6.1% في 2023، ومن المتوقع أن يستمر هذا التراجع ليصل إلى 1% في 2024.
المديونية والضغوط المالية العمومية
رغم التحسن الذي تم تسجيله في المؤشرات الاقتصادية، أشار التقرير إلى أن المديونية تظل أحد التحديات الرئيسية. فقد ارتفع الدين العمومي إلى 1.016,6 مليار درهم في 2023، ليشكل 69.5% من الناتج الداخلي الإجمالي، مما يعكس حجم الضغوط على المالية العمومية. ومع ذلك، تتوقع تقديرات المجلس الأعلى للحسابات أن نسبة الدين ستتراجع تدريجيًا في السنوات المقبلة.
وتواصل زينب العدوي في تقريرها التنبيه إلى أهمية معالجة إشكالية الإجهاد المائي، والتي تتطلب استثمارات ضخمة تبلغ 143 مليار درهم على مدار السنوات المقبلة، وذلك في إطار برنامج وطني لتأمين المياه الصالحة للشرب وري الأراضي الزراعية.
الإصلاحات المالية والحماية الاجتماعية
أبرزت زينب العدوي في تقريرها ضرورة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات المالية الكبرى، لا سيما تلك المتعلقة بمنظومة التقاعد، التي تواجه عجزًا تقنيًا بلغ 9.8 مليار درهم في 2023.
وقد حذر المجلس من التأثيرات السلبية لهذا العجز على الأرصدة الاحتياطية لصندوق التقاعد التي من المتوقع أن تستنفد بحلول عام 2028.
وفيما يتعلق بالإصلاحات الاجتماعية، أكدت العدوي أن الحكومة تعمل على تفعيل منظومة الحماية الاجتماعية التي من المتوقع أن تبلغ تكلفتها 53.5 مليار درهم بحلول 2026، مع جزء كبير من هذه التكلفة سيتم تمويله من ميزانية الدولة.
الآفاق المستقبلية والتحديات المستمرة
في الختام، شددت زينب العدوي على أهمية تسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لمواصلة تحسين أداء الاقتصاد الوطني وضبط المالية العمومية.
وأشارت إلى أن المجهودات المبذولة في مجال الاستثمارات العامة، وخاصة في مجال البنية التحتية الرياضية والسياحية تحضيرًا لاستضافة كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، ستكون محورية في تعزيز النمو الاقتصادي.
وأخيرًا، أكدت العدوي أن تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية للمملكة يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف، مع التركيز على تقوية المنظومة المالية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.