في خطوة هي الأولى من نوعها في المغرب، أجرت جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان دراسة شاملة حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما، مدعومة من الاتحاد الأوروبي.
وتأتي هذه الدراسة في إطار التزام الجمعية بتفعيل توصياتها السابقة المتعلقة بملاءمة السياسات السينمائية مع دستور الحقوق والحريات.
وقد ركزت الدراسة على تحليل العلاقات غير المتوازنة بين الرجال والنساء العاملين في السينما المغربية، واقتراح ممارسات فضلى للتصدي للعنف القائم على النوع، ونشر ثقافة تكافؤ الفرص واحترام حقوق المرأة في المجال الإبداعي.
انطلقت الدراسة من رؤية متكاملة تهدف إلى الكشف عن مظاهر العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما المغربي. ومن خلال لقاءات شبه مهيكلة مع مهنيي القطاع وورشة عمل تحليلية، سعت الجمعية إلى تعميق النقاش حول الأسباب والعوامل المساهمة في انتشار هذه الظاهرة، وتحفيز الجهود لمكافحتها.
لم تكن مهمة الفريق البحثي سهلة، حيث واجه العديد من التحديات، أبرزها حساسية الموضوع وندرة المعلومات والمعطيات المتوفرة. ومع ذلك، نجح الفريق في إجراء مقابلات مع 15 مهنيًا ومهنية من مختلف تخصصات القطاع السينمائي، شملت الإخراج، والإنتاج، والتصوير، والمهن التقنية. وقد عكست هذه اللقاءات تجارب واقعية وشهادات ميدانية حول العنف الذي تواجهه النساء في هذا المجال.
وركزت الدراسة أيضًا على تحليل الوثائق المحلية والدولية المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك اتفاقيات حقوق المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية. وأبرزت الدراسة التزامات المغرب الدولية في هذا المجال، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية المساواة في الأجور، التي تؤكد على حق النساء في بيئة عمل آمنة وخالية من كافة أشكال العنف والتمييز.
ورغم أن المغرب لا يمتلك إطارًا قانونيًا خاصًا بمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما، إلا أن الدراسة دعت إلى استثمار القوانين العامة، مثل قانون الشغل والقانون الجنائي، لتوفير حماية أكبر للنساء العاملات في هذا المجال. كما شددت على أهمية إدراج تدابير جديدة في التشريعات الوطنية لضمان بيئة عمل تحترم كرامة المرأة وتدعم مسيرتها المهنية.
يذكر أن هذه الدراسة ليست فقط تقريرًا عن العنف، بل هي دعوة للتغيير. تسعى الجمعية من خلالها إلى كسر حاجز الصمت المحيط بالموضوع، وتحفيز النقاش العام حوله، مع تسليط الضوء على تأثير العنف على الإبداع الفني والمهني،كما انها خطوة نحو وضع استراتيجية متكاملة تدعم النساء في السينما المغربية، وتضمن أن يكون هذا القطاع بيئة آمنة وشاملة للجميع.