قدم محمد الصيفاوي، الصحفي والكاتب والمخرج الفرنسي الجزائري، نظرة نقدية معمقة لواقع السلطة الجزائرية.
وفي خضم التوترات الدبلوماسية المتصاعدة بين باريس والجزائر، كشف الصيفاوي عن نظام سياسي يبتعد كثيراً عن مبادئه المعلنة، رغم تسميته الرسمية “الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية”.
نظرة نقدية معمقة
يؤكد الصيفاوي في تحليله أن تقييم النظام السياسي الجزائري وفقاً للمعايير الديمقراطية الأساسية يكشف عن حقائق صادمة. فالانتخابات، بعيداً عن كونها حرة، تتسم بالتلاعب المنهجي وتسخير موارد الدولة لصالح مرشح النظام. ويشير إلى أن التداول على السلطة يظل سراباً: فمنذ الاستقلال، ورغم التغييرات الظاهرية، يستمر النظام نفسه في حكم البلاد.
يرصد الصيفاوي وضعاً مقلقاً للحريات الأساسية. فحرية الصحافة مقيدة بشدة: يتم سجن الصحفيين والمثقفين المنتقدين بانتظام والحكم عليهم بعقوبات قاسية. ويؤكد أن المساواة أمام القانون تظل نظرية، مع قضاء خاضع لسلطة تسجن الأبرياء تعسفياً ويمكنها إطلاق سراح المذنبين وفقاً لمشيئتها.
على الصعيد الاقتصادي، يكشف تحليل الصيفاوي أن الوضع ليس أفضل حالاً. فالاقتصاد الجزائري، كما يوضح، يظل أسير اعتماده على المحروقات، التي تمثل أكثر من 95% من الصادرات و60% من الإيرادات الإجمالية. ويشير إلى أن نقص الاستثمار المزمن في هذا القطاع الاستراتيجي يعيق نمو الإنتاج.
وقدم الصيفاوي تحليلاً دقيقاً لشخصية الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يقدم نفسه كتجسيد لـ”جزائر جديدة”، مؤكداً أنه في الواقع نتاج خالص للنظام. ويستعرض مساره الذي يوضح استمرارية النظام: موظف سابق، والي (محافظ)، وزير عدة مرات، خاصة في السكن والتجارة، لطالما خدم بإخلاص النظام الذي يدعي اليوم إصلاحه.
ويختتم الصيفاوي تحليله بنظرة على العلاقات الفرنسية-الجزائرية، مقترحاً ثلاثة محاور أساسية لتحسينها أبرزها إقامة علاقة قوة حقيقية ومعالجة مسألة الأموال المنهوبة والملفات المشبوهة، ثم إعادة تعريف العلاقات الثنائية على أساس الاحترام المتبادل والتعاون الفعال.
وأكد الصيفاوي أن العلاقة بين فرنسا والجزائر تستحق أفضل من المواقف العاطفية، سواء جاءت من أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
وخلص إلى أن النهج المتوازن وحده، الذي يعترف بالروابط التاريخية والحاجة إلى شراكة بين نِدّين، سيسمح بتجاوز التوترات الحالية.
