في حديث شيّق مع جريدة فبراير، استعرضت الطبيبة نزهة واهلة، طبيبة أمراض النساء والجهاز التناسلي، تفاصيل مسيرتها العلمية والمهنية، بدءًا من مدينة الدار البيضاء إلى كاديس بإسبانيا، حيث صنعت حلمها الطبي رغم العقبات التي واجهتها.
متواضعة خلوقة، حينما اقترحنا عليها في “فبراير” ان نحاورها توردت وجنتيها خجلا، تسبقها سمعتها ونزاهتها وترفع لها القبعة كطبيبة مغربية كفاءتها تجاوزت الحدود، على يدها ولدت نساء بريطانيات ومكسيكيات وإسبانيان ومن مختلف الجنسيات.
نزهة واهلة، المولودة في الدار البيضاء يوم 28 فبراير 1984، نشأت في أسرة تقدر العلم والتعليم. تقول: “والدي زرع فينا منذ الصغر أهمية الدراسة. كنت الثالثة في ترتيب إخوتي الخمسة، وكلنا تابعنا دراساتنا العليا”. رغم تفوقها الأكاديمي في أكاديمية المحمدية، لم تُتح لها فرصة ولوج كلية الطب في الدار البيضاء بسبب نظام الاختيار الذي كان يعتمد على الأكاديميات، ما دفعها للتفكير في الدراسة بالخارج.
تروي نزهة تفاصيل قرارها قائلة: “كنت مستعدة للذهاب إلى فرنسا، لكن تغيّر تاريخ الامتحانات بشكل مفاجئ حرمَني من تقديم ملفي. نصحتني صديقة بالتوجه إلى إسبانيا، حيث المناخ والمجتمع قريبان من المغرب. فكان هذا القرار نقطة تحوّل في حياتي”.
بدأت الدكتورة نزهة دراستها الجامعية في كلية الطب بكاديس، حيث واجهت تحديات عديدة أبرزها اللغة الإسبانية. تقول: “تعلمت الإسبانية في الثانوية، لكنها لم تكن كافية للتواصل اليومي. كان عليّ بذل جهد إضافي في الأشهر الأولى لاكتساب اللغة من خلال التعايش مع السكان المحليين”.
وتتحدث نزهة عن الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارها المهني: “مهنة الطب ليست سهلة؛ تتطلب مسارًا طويلًا يبدأ بدراسة الطب العام ثم التخصص، ما يعني 12 سنة من الدراسة الشاقة. في البداية، اخترت الطب لتلبية رغبة والدي، لكنني أحببته لاحقًا، خاصة عند ملامستي الأولى للحالات الطبية”.
عملت نزهة في مستشفيات ومصحات عدة بإسبانيا، منها مستشفى كيرون ماربيا ومصحات في كوستا ديل سول. تصف تجربتها بالقول: “رؤية الفرحة في أعين الأمهات عند استقبال أطفالهن هي اللحظة الأجمل في عملي، وهي ما يجعلني أشعر بقيمة ما أقدمه”.
عن تجربتها كامرأة مغربية في الخارج، أشارت نزهة إلى التحديات الثقافية والاجتماعية التي واجهتها في بداية إقامتها بإسبانيا، قائلة: “في 2003، كنت أواجه أحيانًا أسئلة تحمل طابعًا عنصريًا أو تنم عن جهل بثقافة المغرب، مثل: هل لديكم ماء في المنازل؟ هل توجد ثلاجات؟ لكنها تغيرت مع الوقت، وأصبح المجتمع أكثر انفتاحًا على المغاربة”.
وفي ختام حديثها، وجهت الدكتورة نزهة رسالة إلى الشباب المغربي، خاصة النساء، قائلة: “لا تخافوا من السعي وراء أحلامكم، حتى لو تطلب الأمر الخروج من منطقة الراحة. التعليم والاستقلالية هما مفتاح النجاح”.
رحلة نزهة واهلة من المحمدية إلى إسبانيا تحمل الكثير من الإلهام، وهي نموذج مشرف للعطاء والتفاني في سبيل تحقيق الطموحات، رغم كل الصعوبات.