واصلت وكالة بيت مال القدس جهودها لدعم السكان الفلسطينيين في المدينة المقدسة، وذلك بتوجيهات مباشرة من الملك محمد السادس، جاء ذلك خلال كلمة ألقاها محمد سالم الشرقاوي، مدير الوكالة، في اجتماع بحضور محافظ القدس الأستاذ عدنان غيث، الذي أكد على التضحيات الجسيمة التي يقدمها الفلسطينيون دفاعاً عن مقدسات الأمة.
وأشار الشرقاوي إلى أن القدس تواجه تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة، حيث تفاقمت الأوضاع جراء الإجراءات العسكرية الإسرائيلية التي شملت إغلاق المدن والأحياء وفرض الحواجز العسكرية، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للسكان وتعطل حركة التجارة والسياحة.
وأضاف أن هذه الإجراءات حدت من تدفق المواطنين إلى المدينة ومنها، مما زاد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على السكان.
وأكد الشرقاوي أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في القدس تنذر بأيام صعبة قادمة، خاصة في ظل ارتباط سوق العمل الفلسطيني جزئياً بسوق العمل الإسرائيلي، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور قطاعات الصحة والتجارة والسياحة. كما أشار إلى ارتفاع تكاليف البناء والعقارات والضرائب، مما زاد من معاناة السكان.
وأوضح أن وكالة بيت مال القدس، برغم محدودية التمويل، نفذت خلال العام 2024 ما يقارب 55 مشروعاً في مجالات التعليم والصحة والشباب والرياضة والثقافة، بالإضافة إلى برامج المساعدة الاجتماعية والتنمية البشرية، بميزانية فاقت 4.2 مليون دولار أمريكي، ممولة بالكامل من المملكة المغربية.
ومع ذلك، أكد محمد سالم أن هذا الرقم لا يلبي طموحات الوكالة ولا يستجيب للاحتياجات المتزايدة لأهل القدس، خاصة في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الحرب على غزة.
في إطار جهودها لدعم القدس، أقامت المملكة المغربية نموذجاً للدعم يقوم على العمل الميداني المستمر، حيث تم تحويل عقارات إلى مدارس ورياض أطفال ومراكز ثقافية، من بينها المركز الثقافي المغربي “بيت المغرب” في البلدة القديمة، الذي يقع على بعد ثلاث دقائق من المسجد الأقصى المبارك، كما تم بناء خمس مدارس جديدة في مختلف أحياء المدينة، منها مدرسة الحسن الثاني في وادي الجوز ومدرسة المسيرة في مخيم شعفاط.
إلى ذلك، قامت الوكالة بدعم المستشفيات وتجهيزها، وإنشاء عيادات للأسنان والمستشفيات الميدانية، بالإضافة إلى استقبال الطلاب الفلسطينيين للدراسة في الجامعات والمعاهد المغربية، حيث استقدمت الوكالة ثمانية طلاب من غزة لمتابعة دراستهم في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في الرباط.
وحذر الشرقاوي من أن تطورات الأزمة في الشرق الأوسط تعني أن اقتصاد القدس سيواجه صعوبات كبيرة في الدخول في مرحلة التعافي خلال العام 2025، مما يفترض استمرار التدهور الاقتصادي وزيادة نسب الفقر واتساع دوائر الآفات الاجتماعية. وأكد أن الوكالة على وعي تام بحجم التحديات التي تنتظر أهل القدس، وأنها ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بتقديم العون والمساعدة تحت شعار “معهم في الشدائد كما في أيام الرخاء”.
في ختام كلمته، دعا الشرقاوي الأمين العام للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية إلى تخصيص نسبة من ميزانيات المدن العربية لتمويل مشاريع في القدس، مشيراً إلى أن نسبة 1% من هذه الميزانيات يمكن أن يكون لها أثر كبير على سكان المدينة، كما أشار إلى أن الوكالة أقرت قبل عامين وثيقة مرجعية لصيانة وإعادة الاعتبار للمدينة القديمة في القدس، بدعم من وزارات الداخلية والإسكان والثقافة المغربية، حيث تم إنجاز 35 تدخلاً من أصل 100 تدخل مخطط له في عام 2024.