يحتل السرطان المرتبة الثانية في قائمة الأسباب المؤدية للوفاة في المغرب، متخلفاً فقط عن أمراض القلب والشرايين.
وتكشف الإحصائيات الرسمية عن تسجيل حوالي 40 ألف إصابة سنوياً بهذا المرض، بمعدل 137.3 حالة لكل 100 ألف نسمة، مما يجعله تحدياً صحياً رئيسياً يواجه المنظومة الصحية المغربية.
وتظهر الأرقام تفاوتاً في توزيع أنواع الورم الخبيث بين الجنسين، حيث يتصدر سرطان الثدي قائمة الإصابات لدى النساء بنسبة 36 في المائة، يليه سرطان عنق الرحم بنسبة 11 في المائة.
أما بالنسبة للرجال، فيأتي سرطان الرئة في المقدمة بنسبة 22 في المائة، متبوعاً بسرطان البروستاتا الذي يشكل 12.6 في المائة من مجموع الإصابات.
وقد شهدت جهود مكافحة الورم الخبيث في المغرب تطوراً ملحوظاً منذ عام 2005، بفضل الشراكة الاستراتيجية بين مؤسسة لالة سلمى للوقاية وعلاج السرطان ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وتجلى هذا التطور في استثمارات ضخمة شملت تحديث البنية التحتية وتوفير تجهيزات جديدة، إضافة إلى تخصيص ميزانية سنوية تصل إلى 200 مليون درهم لشراء الأدوية المضادة للورم الخبيث، مما مكن من تقديم الرعاية والعلاج لنحو 25 ألف مريض جديد سنوياً.
وفي إطار تعزيز منظومة علاج الورم الخبيث، عمل المغرب على إنشاء أقطاب امتياز لتقديم رعاية متخصصة، مع تجهيز المراكز بالمعدات المتطورة. كما تم إنشاء مراكز جهوية لعلاج السرطان في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى مراكز متخصصة في أورام النساء والأطفال، سعياً لتقريب الخدمات العلاجية من المرضى.
ولمواجهة هذا التحدي الصحي الكبير، أطلق المغرب الخطة الاستراتيجية للسرطان 2020-2029، التي تهدف إلى تقليل معدلات الإصابة والوفاة وتحسين جودة حياة المرضى وأسرهم. ورغم هذه الجهود، تؤكد الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة على ضرورة مواصلة العمل لتحسين الوصول إلى العلاج لجميع الفئات الاجتماعية، خاصة الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود.
وتشدد الشبكة على أهمية الوقاية كخط دفاع أول ضد المرض، مع التركيز على محاربة التدخين باعتباره السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة والكبد، إضافة إلى أهمية تقليل استهلاك الكحول والحد من التعرض للمواد المسرطنة في أماكن العمل. كما تؤكد على دور الكشف المبكر في زيادة فرص العلاج والبقاء على قيد الحياة.
وختاماً، يتطلب نجاح جهود مكافحة السرطان في المغرب تعاوناً أكبر بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني، مع تعزيز التعاون الدولي لتبادل الخبرات والموارد وإرساء أسس التضامن مع الدول الإفريقية في هذا المجال.