صادق مجلس المستشارين، أمس الاثنين، بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بعد أيام من “النقاشات المحتدمة” داخل البرلمان وخارجه.
وجاءت المصادقة بعد أن حظي المشروع بموافقة 41 مستشارًا مقابل معارضة 7، في ظل انسحاب فريق الاتحاد المغربي للشغل احتجاجا على ما وصفه بـ”انفراد الحكومة بتمرير قانون تكبيلي دون توافق مع الحركة النقابية”.
المصادقة جاءت رغم الاعتراضات النقابية والحقوقية الواسعة، حيث اعتبرت التنظيمات العمالية أن الحكومة متشبثة بمشروع القانون بصيغته الحالية، دون الأخذ بعين الاعتبار مقترحات التعديلات التي قدمتها النقابات ومختلف الفرق البرلمانية.
ويعود المشروع الآن إلى مجلس النواب لاستكمال مسطرة المصادقة عليه، بعد أن أدخلت عليه “تعديلات جوهرية” بمجلس المستشارين، وهو ما أكده وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، الذي اعتبر أن “النسخة الجديدة لا تعكس بالضرورة التصور الحكومي، وإنما تعكس مخرجات النقاش بمجلس المستشارين”.
قرار التصويت لم يمر دون تصعيد من النقابات، حيث أعلن فريق الاتحاد المغربي للشغل انسحابه من الجلسة، معتبرًا أن المشروع “يهدف إلى تقييد أحد الحقوق الدستورية الأساسية للعمال”، وأنه تم تمريره “دون مفاوضات جادة مع الفرقاء الاجتماعيين”. بينما رفع مستشارو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لافتات احتجاجية داخل قاعة المجلس، مندّدين بـ”إغلاق الحكومة باب التفاوض” وبما اعتبروه “هجومًا على الحق في الإضراب”.
نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، شدد على أن النقابة خاضت معركة الدفاع عن الحق في الإضراب بمسؤولية عالية، سواء من داخل اللجنة المعنية أو عبر مواقفها المعلنة، معتبرًا أن الحكومة لم تفِ بوعودها ولم تلتزم بالحوار الاجتماعي الجاد.
وأكد أن قرار الانسحاب جاء “دفاعًا عن الحقوق المشروعة للطبقة العاملة”، ورفضًا “لنهج حكومي يسعى إلى فرض قانون تكبيلي يقيّد الحريات النقابية”.
ورغم الجدل الذي رافق التصويت، أكدت الحكومة أنها تفاعلت مع مطالب الشركاء الاجتماعيين، حيث صرّح السكوري بأن الحكومة قدمت تنازلات في تعريف الإضراب، حيث تم توسيعه ليشمل المصالح غير المباشرة للعمال، وأضيفت أسباب معنوية إلى جانب المادية كمبررات مشروعة للإضراب.
كما شدد على أن النص النهائي يشمل جميع فئات المجتمع، من أجراء القطاع الخاص وموظفي القطاع العام والعمال غير الأجراء والمهنيين، دون استثناء.
بالتزامن مع هذا التطور، تزداد التعبئة للإضراب العام الوطني الإنذاري، الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والمقرر ليوم الأربعاء 5 فبراير، احتجاجا على تمرير المشروع دون توافق وطني.
واعتبرت النقابة أن الإضراب محطة إنذارية في مواجهة “محاولات الإجهاز على المكتسبات العمالية”، مؤكدة أن الحكومة تتحمل مسؤولية تداعيات تمرير المشروع دون توافق مع المركزيات النقابية.
في سياق متصل، أصدرت المنظمة الديمقراطية للشغل بيانًا أكدت فيه انضمامها للإضراب، مشيرة إلى أن مشروع القانون التنظيمي “تم تهريبه من طاولة الحوار الاجتماعي إلى البرلمان، وتمت المصادقة عليه تحت منطق الأغلبية العددية، بدل الحوار والتوافق”.
فيما دعت “جبهة الدفاع عن ممارسة حق الإضراب” إلى مزيد من التصعيد، محذرة من تداعيات تمرير قانون تعتبره “مقيدًا للحق في الاحتجاج السلمي”.
وبينما تؤكد الحكومة أن المشروع جاء لتنظيم ممارسة الإضراب وليس تقييده، تصر النقابات على أنه يفرغ هذا الحق من مضمونه، ويجعل ممارسته محفوفة بالعقبات القانونية.