في تصريح لفبراير، شدد سعيد لماني، مفتش الشغل وخبير في قضايا العمل، على أهمية معالجة الاختلالات التي تطبع علاقة المشغلين بالأجراء، داعيًا إلى تفعيل آليات أكثر صرامة لضمان احترام قانون الشغل والحقوق الاجتماعية للعاملين.
وأوضح سعيد لماني أن الإشكالات المرتبطة بالأجور، سواء من حيث التأخير في صرفها أو عدم أدائها بالكامل، تشكل أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع العمال إلى خوض الإضرابات. وأكد أن غالبية المقاولات الصغرى والمتوسطة لا تلتزم بالتصريح الكامل لدى الضمان الاجتماعي، حيث يعمل بعض الأجراء بشكل غير رسمي أو يُصرّح لهم بجزء من أيام عملهم فقط، وهو ما يؤدي إلى تراجع مستوى الحماية الاجتماعية لهذه الفئة.
وأشار الخبير إلى أن القوانين المنظمة للشغل تنص بوضوح على ضرورة وجود مندوب للأجراء في المؤسسات التي يتجاوز عدد عمالها عشرة أشخاص، إلا أن هذا المقتضى لا يتم احترامه في العديد من القطاعات، ما يجعل فئة واسعة من العمال دون تمثيلية قانونية تضمن لهم حقوقهم.
وعن وضعية المقاولات الكبرى، أكد لماني أنها، رغم امتلاكها سياسة تدبير متقدمة للموارد البشرية، إلا أن بعض القطاعات لا تزال تشهد إضرابات بين الفينة والأخرى، وإن كانت بنسب أقل مقارنة بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح أن بعض الشركات الكبرى، خاصة تلك العاملة في قطاعي السيارات والطيران، تعتمد نموذجًا أكثر استقرارًا في التعامل مع الأجراء، ما يقلل من حدة الاحتجاجات داخلها.
وفيما يتعلق بالإضرابات، أشار لماني إلى أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين المطالب التي تُطرح في الحوارات الاجتماعية، حيث تتراوح بين ملفات مطلبية ذات طابع دوري يتم التفاوض بشأنها على مدى سنوات، ومطالب آنية مرتبطة بتجاوزات يومية، مثل عدم أداء الأجور أو الطرد التعسفي، وهي الملفات التي تثير توترات متواصلة في سوق الشغل.
كما سلط الخبير الضوء على ممارسات غير قانونية عرفها قطاع الشغل في الماضي، من قبيل تشغيل عمال جدد لتعويض المضربين أو تهريب السلع خارج المصانع لتفادي تبعات الإضرابات. وأكد أن التشريعات الحديثة وضعت حدًا لهذه التجاوزات، من خلال منع تشغيل بدلاء عن العمال المضربين، إضافة إلى حظر إخراج الآلات أو السلع خلال فترات الإضراب.
وختم لماني تصريحه بالتأكيد على أن إصلاح العلاقة بين الأجراء والمشغلين يقتضي إصدار قانون واضح للإضراب يحدد حقوق وواجبات كل طرف، مع ضمان تفعيل آليات المراقبة لضمان احترام التشريعات الاجتماعية، بما يسهم في تحقيق توازن بين المصالح الاقتصادية للمؤسسات وحقوق الأجراء.