أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ إصلاح شامل لأنظمة التقاعد الوطنية، وفقًا لنظام القطبين، مع تعزيز الحكامة وضمان استدامة التوازنات المالية للأنظمة، مع الحفاظ على حقوق المنخرطين والمتقاعدين. وأوضحت أن هذا الإصلاح سيتم وفق منهجية تعتمد على التوافق بين مختلف الأطراف، لضمان حلول عادلة ومستدامة.
جاء ذلك خلال ترؤسها، أمس الخميس، اجتماع مجلس إدارة الصندوق المغربي للتقاعد، حيث نوهت بجهود أعضاء المجلس واللجان المنبثقة عنه في تعزيز مكانة المؤسسة داخل منظومة الحماية الاجتماعية. كما أشادت بتفعيل توصيات التقييم الذاتي لأشغال المجلس واللجان التابعة له.
وفيما يخص التوازنات المالية لنظام المعاشات المدنية، أكدت الوزيرة نادية فتاح العلوي أن الزيادة الأخيرة في أجور موظفي القطاع العام، التي جاءت في إطار الحوار الاجتماعي، كان لها أثر إيجابي من خلال ضخ موارد مالية إضافية للنظام، ما أدى إلى تمديد تاريخ نفاد احتياطاته بثلاث سنوات إضافية، ليصل إلى سنة 2031.
كما أشارت إلى قرار إعفاء المتقاعدين من الضريبة على الدخل بشكل نهائي، والذي سيمكن من تحسين مستوى المعاشات لفائدة أكثر من 150 ألف مستفيد من النظامين المدني والعسكري.
وشهد الاجتماع مناقشة الإنجازات المحققة خلال سنة 2024، حيث بلغت نسبة تنفيذ برنامج عمل الصندوق 87%، مما مكّن من تحقيق أغلب الأهداف الاستراتيجية المحددة.
كما تطرقت المناقشات إلى الاستراتيجية الجديدة للصندوق للفترة 2025-2027، والتي تهدف إلى تعزيز دوره كمؤسسة مرجعية للتقاعد العمومي ترتكز على الابتكار، المرونة، والاستدامة، من خلال تطوير الخدمات، وتعزيز الاستثمار المؤسساتي، وتحسين الحكامة والمسؤولية المجتمعية.
وعقب مناقشة جدول الأعمال، صادق المجلس الإداري على مشروع برنامج العمل الاستراتيجي للصندوق للفترة 2025-2027، إضافة إلى مشروعي برنامج العمل وميزانية 2025، وجميع القرارات المقترحة.
وفي سياق متصل، حذر المجلس الأعلى للحسابات من المخاطر المالية التي تواجهها أنظمة التقاعد الوطنية، مؤكدًا الحاجة الملحة لتسريع الإصلاحات للحفاظ على ديمومتها. وفي تقريره السنوي 2023-2024، أشار المجلس، برئاسة زينب العدوي، إلى التراجع الحاد في أرصدة الصندوق المغربي للتقاعد، حيث بلغ العجز التقني 9.8 مليار درهم سنة 2023، متوقعًا استنفاد احتياطاته بحلول سنة 2028، وفقًا لمعطيات وزارة الاقتصاد والمالية.
وأكد التقرير أن الإصلاحات التي طالت أنظمة التقاعد، خاصة نظام المعاشات المدنية سنة 2016، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد سنة 2021، لم تفلح في تحقيق التوازن المالي المطلوب، مما يفرض الحاجة إلى إصلاح هيكلي شامل.
وتعتزم الحكومة تقديم مخطط متكامل لإصلاح صناديق التقاعد، يركز على رفع سن التقاعد وزيادة نسبة المساهمات، وهي إجراءات تثير جدلًا واسعًا. كما أوصى المجلس الأعلى للحسابات بإدراج العمال غير الأجراء تدريجيًا في نظام التقاعد، وتحفيز انخراطهم من خلال تقديم معدلات تعويض مناسبة وضمان استدامة المعاشات.
ودعا التقرير إلى تنويع مصادر تمويل أنظمة التقاعد، عبر البحث عن آليات بديلة مثل التحفيزات الضريبية، بالإضافة إلى ضبط الإنفاق وتحسين كفاءة إدارة الصناديق.
كما أكد المجلس على ضرورة اعتماد مقاربة تدريجية في تعميم التقاعد الإجباري على العاملين غير الأجراء، مع توفير ضمانات للحصول على معاش ملائم عند بلوغ سن التقاعد.
ويظل إصلاح أنظمة التقاعد أحد أكبر التحديات التي تواجه المالية العمومية بالمغرب، وسط دعوات متزايدة إلى تسريع الإصلاحات لضمان استدامة الصناديق وضمان حقوق الأجيال القادمة.