الرئيسية / حوارات / "ما لم يُرْوَ" مع يوسف موساتي: ما وراء السرديات الرسمية في تاريخ المغرب

"ما لم يُرْوَ" مع يوسف موساتي: ما وراء السرديات الرسمية في تاريخ المغرب

موساتي
حوارات
فبراير.كوم 07 مارس 2025 - 23:00
A+ / A-

في خضم الكم الهائل من المصادر التاريخية المتنوعة التي تتناول تاريخ المغرب، يستدعي الباحث في التاريخ والتراث يوسف موساتي ضرورة إعادة النظر في كيفية قراءة وتفسير هذه المصادر، وذلك ضمن الحلقة الأولى من برنامج “ما لم يُرو” الذي أطلقه موقع فبراير.كوم.

يشرح موساتي أن المصادر التاريخية المغربية متنوعة، منها المكتوبة بشقيها الرسمية وغير الرسمية. المصادر الرسمية تتمثل في الكتب التي بدأت مع الفترة المرينية مثل “زهرة الآس” و”روض القرطاس” وصولاً إلى “كتاب الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى” وغيرها من المؤلفات التي تعبر عن وجهة النظر الرسمية للدولة، حيث كان مؤلفوها غالباً من المقربين للسلاطين والوزراء.

أما المصادر غير المباشرة فتشمل كتب النوازل التي تعطي صورة عن الحياة الاجتماعية والمشاكل اليومية التي كانت تواجه الناس. يستشهد موساتي بظاهرة اجتماعية برزت في القرن السادس عشر حيث انتشرت حالات هروب النساء مع عشاقهن وترك أزواجهن، مما أدى إلى كتابة الفقهاء لأحكام وفتاوى حول هذه الظاهرة.

ويضيف موساتي أن هناك أيضاً كتب الحسبة التي توضح آليات تسيير المجتمع، وكتب الرحالة الذين زاروا المغرب وقدموا وصفاً للمدن والأبواب والأسوار. لكن المهم، حسب موساتي، هو أن جميع هذه المصادر تعكس زاوية نظر معينة لمؤلفيها، سواء كانوا فقهاء أو مؤرخين أو رجال دولة أو رحالة، وبالتالي فهي لا تمثل الحقيقة المطلقة بل الحقيقة من وجهة نظر كاتبها.

يتعدى موساتي المصادر المكتوبة ليسلط الضوء على التاريخ الشفوي، معتبراً إياه “كتابة على الجسد والعقول”. فالروايات الشفوية والحكايات والأساطير ليست مجرد خرافات كما يعتقد البعض، بل هي رؤية مجازية للتاريخ، تعكس ذهنيات المجتمع وتصوراته.

ويقدم موساتي أمثلة توضيحية من التراث الثقافي المغربي، مثل الرقصات التي تختلف من منطقة لأخرى وتعكس طبيعة الحياة فيها. فمناطق الشرق والمناطق القبلية التي كانت في حالة توتر دائم تميزت رقصاتها باستخدام السلاح والضرب القوي على الأرض كرمز للتمسك بالأرض. كما يشير إلى الموسيقى، وخاصة “العيطة” التي تعتبر توثيقاً مهماً لتاريخ المناطق والمعارك، حيث يمكن من خلالها التعرف على تفاصيل الأحداث حتى التي قد تخالف السرديات الرسمية.

يعتبر موساتي أن علم الآثار هو المؤهل الأول اليوم لإعادة كتابة تاريخ المغرب. فالاكتشافات الأثرية قلبت العديد من المسلمات التاريخية، مثل قصة فاطمة الفهرية التي يرى أنها “اختلاق أسطوري” وفقاً للأدلة الأثرية.

ويشير إلى أن المغرب يمثل حلقة أساسية في فهم التاريخ البشري، حيث تم اكتشاف أقدم إنسان عاقل، وأقدم عملية جراحية، وأقدم استخدام للملابس والأدوات الطبية وغيرها.

لكن موساتي ينبه إلى إشكالية مهمة تتعلق بعلم الآثار في المغرب، وهي ارتباطه في بداياته بالرؤية الاستعمارية. فقد بدأ هذا العلم في أواخر القرن التاسع عشر بهدف إثبات أن المغرب كان امتداداً جغرافياً للإمبراطورية الرومانية، وأن الحضارة جاءت للمغرب مع الرومان.

يدعو موساتي إلى ضرورة النقد الإبستمولوجي لعلم الآثار والتحرر من المنطلقات التي سطرتها الأركيولوجيا الفرنسية والرؤية الاستعمارية. ويشيد بالعمل الذي قام به الأستاذ أحمد شعبان الذي اقترح منهجاً جديداً للبحث الأثري ينطلق من الميدان إلى النص، عكس المنهج الفرنسي الذي ينطلق من النصوص.

ويختم موساتي بالقول إن تاريخ المغرب بأكمله يحتاج إلى إعادة نظر، وأنه إذا تم تبني المنهج الجديد وتحرير علم الآثار من الرؤية الاستعمارية، فسيتم اكتشاف حقائق جديدة ستغير نظرتنا لتاريخنا.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة