في مشهد يبعث على الوقار والهيبة، أطل علينا الدكتور حكم التازي، بشعره الأبيض المتوج بلحية بيضاء كثة، تعلو رأسه قبعة تضفي عليه مسحة من الحكمة والتجربة.
هذا الرجل الذي خبر الحياة وعرف دروبها، يجلس اليوم ليحدثنا عن تجربته العميقة مع شهر رمضان، مسترجعاً ذكريات عام 1988، ومستخلصا منها دروسا وعِبرا تتجاوز حدود الزمان والمكان. داعيا للتأمل في جوهر الصيام، وفهم أبعاده الروحية والإنسانية، بعيدا عن العادات والتقاليد التي قد تحجب عنا رؤية المعنى الحقيقي لهذه الشعيرة العظيمة.
تحدث الدكتور التازي في حوار له مع “فبراير”، أنه يبلغ من العمر 84 سنة، ولايمكن أن يعود شابا كما كان في الماضي، حتى من الناحية الجنسية.
والذي يجب أن ينتبه له من تجاوز الـ50 من عمره هو كيف يمكن أن يكون حيويا، ومن يدعي أنه لايعاني من آلام سواء في الظهر أو المفاصل فهو كاذب.
وأضاف المتحدث ذاته أن الله أعطاه القدرة على تحدي الشيخوخة، مؤكدا أنه يحمد الله لأنه عاش مختلف المراحل العمرية، وهذا مالم يتسن للكثيرين أن يعيشوه.
وتابع التازي أنه يتبع سياسة مهمة تتجلي في عدم جرح مشاعر الآخرين وأن يكون دائما مبتسما في وجه الآخرين، وأن يكون دائم السفر، وأن الماضي يأخذ منه فقط الدروس، ويعيش الحاضر، وألا يفكر كثير في المستقبل.
تحدث الدكتور حكم التازي، في حوار مع موقع “فبراير.كوم”، إلى تجربته الشخصية مع شهر رمضان عام 1988، واصفا إياها بفترة مميزة سمحت له بالتركيز على الجوهر الحقيقي للصيام بعيدا عن الضغوطات والامتحانات.
وأشار إلى أن رمضان يمنح المرء فرصة لعيش حياة روحانية متوازنة، حيث يسود الهدوء والسكينة، وتتجلى القابلية للحياة بشكل أكبر.
وأكد التازي على أن الصيام يجب أن يكون نابعا من قناعة داخلية راسخة، وليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب لأسباب صحية أو غيرها، فالصيام الحقيقي، حسب قوله، هو ذلك الذي ينبع من إيمان عميق بأهمية هذا الركن من أركان الإسلام، مما يسهل على الصائم تحمل مشقة الجوع والعطش، بل ويجعلها تجربة ممتعة ومثرية روحياً.
واستشهد التازي بآية قرآنية من سورة البقرة: “وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين”، موضحا أن هناك اختلافا في تفسير هذه الآية بين المصاحف المطبوعة في المغرب وتلك المطبوعة في السعودية، ففي حين تشير النسخ المغربية إلى “مساكين”، تشير النسخ السعودية إلى “مسكين”. ووفقاً لتفسير العلماء، فإن الآية تعني أن من لا يستطيع الصيام لعذر شرعي، عليه فدية إطعام مسكين واحد، وليس بالضرورة مجموعة من المساكين