حذرت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، في تقريرها السنوي لعام 2023، من محدودية الإطار القانوني الحالي للإعلام المغربي، مشيرة إلى أنه يقتصر على وسائل الإعلام السمعية البصرية التقليدية دون أن يواكب التحولات الرقمية المتسارعة وتأثيراتها العميقة على قطاع الإعلام والتواصل.
وأوضحت الهيئة أن المنصات الرقمية باتت تشكل تحديًا جديدًا للنموذج الإعلامي التقليدي، حيث أصبحت الخوارزميات المستخدمة في مواقع التواصل الاجتماعي تكرس ما يعرف بـ “اقتصاد شد الانتباه”، ما قد يؤثر سلبًا على القيم الأخلاقية والثقافية للمجتمع المغربي.
كما أكدت أن غياب التأطير القانوني الكافي لهذه المنصات يستدعي تطوير آليات فعالة للتقنين الذاتي، تضمن توازنًا بين حرية التعبير والمسؤولية الإعلامية.
وأشار التقرير إلى أن تعزيز حقوق الإنسان وترسيخ القيم الديمقراطية في المحتوى الإعلامي يجب أن يكون حقًا أساسيًا للمواطن، وهو ما يستوجب تحسين جودة الإنتاج الإعلامي، وتعزيز دور وسائل الإعلام التقليدية في مواجهة تحديات التحول الرقمي.
كما شددت الهيئة على أهمية حماية الإعلام من هيمنة المنصات الرقمية العالمية التي تستحوذ على حصة متزايدة من الجمهور المغربي، مما يؤثر على النقاشات العامة والقيم الثقافية والاجتماعية، إلى جانب انتشار الأخبار الزائفة والمحتويات المضللة.
وكشف التقرير أن حوالي 89% من المغاربة يستخدمون الإنترنت بانتظام، أي ما يعادل 33 مليون شخص، في حين أن 71% منهم ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل هذه المنصات المصدر الرئيسي للمعلومة لنحو 65% من مستخدمي الإنترنت في المغرب.
كما سلطت الهيئة الضوء على الجهود التي بذلتها بعض القنوات التلفزية والإذاعية المغربية في التكيف مع العصر الرقمي، من خلال تنويع منصات البث وزيادة التفاعل مع الجمهور. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بتحقيق عائدات مالية مستدامة من الإعلانات الرقمية، في ظل الهيمنة المتزايدة للمنصات الكبرى على سوق الإعلانات.
وأكدت الهيئة ضرورة الإسراع في وضع إطار قانوني جديد ينظم عمل الفاعلين الرقميين العالميين في المغرب، لضمان بيئة إعلامية أكثر توازنًا وعدالة، تحمي مصالح الإعلام التقليدي، وتعزز الحق في الحصول على معلومات موثوقة وذات جودة عالية.
يشار إلى أن هذه الأرقام تعكس بوضوح التحول الجذري في أنماط استهلاك الأخبار والمحتويات الإعلامية، وتؤكد الحاجة الملحة لتطوير استراتيجيات جديدة تلائم هذا الواقع المتغير.
