أكدت المحكمة الدستورية أن القانون التنظيمي رقم 97.15، المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، يتوافق بشكل عام مع مقتضيات الدستور.
وشددت المحكمة على ضرورة الأخذ بالملاحظات التفصيلية التي أبدتها بخصوص بعض المواد، ولا سيما المواد 1 و5 و12، لضمان تطبيق القانون بشكل صحيح ومتوازن.
وأوضحت المحكمة في قرارها الصادر اليوم الخميس أن دورها الدستوري يتمثل في مراقبة النصوص القانونية المحالة إليها، للتحقق من مدى توافقها مع المبادئ والقواعد الدستورية شكلاً ومضمونًا، وذلك وفقًا لمبدأ دستورية القوانين المنصوص عليه في الفصل السادس من الدستور.
وفي تحليلها للمادة الأولى من القانون، أشارت المحكمة إلى أن هذه المادة، رغم عدم تناولها التفاصيل الدقيقة للشروط والإجراءات المرتبطة بحق الإضراب، تتماشى مع الطبيعة العامة للقوانين التنظيمية.
وأكدت أن استناد المادة إلى المرجعيات الدولية والمعايير الدستورية المتعلقة بحقوق العمال والحقوق النقابية يظل متوافقًا مع روح الدستور.
كما قدمت المحكمة قراءة مفصلة للمادتين 2 و3، مشيرة إلى أنهما تعملان على تأطير الحق في الإضراب بشكل يضمن التوازن بين هذا الحق الدستوري والحقوق الأخرى ذات الصلة، مثل حق الانتماء النقابي.
وأوضحت أن تحديد الجهة المخولة بالدعوة إلى الإضراب يعكس تنظيماً قانونياً ضرورياً لضمان ممارسة الحق في ظروف تحافظ على النظام العام والسلامة المجتمعية، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الصحة والسلامة العامة.
وبخصوص المادة 5، أكدت المحكمة دستورية النص الذي يعتبر أي إضراب خارج إطار الشروط المنصوص عليها قانونياً بمثابة “إضراب غير مشروع”، مع التأكيد على ألا تُستغل النصوص التنظيمية الصادرة لاحقاً لفرض شروط أو إجراءات إضافية تتجاوز ما هو محدد في القانون التنظيمي ذاته.
أما بالنسبة للمادتين 6 و9، فقد أشارت المحكمة إلى أن المادة السادسة تحدد وضع العامل المضرب باعتباره في حالة توقف مؤقت عن العمل دون أجر، دون أن تمس جوهر الحق في الإضراب، بينما تحافظ المادة التاسعة على حقوق العمال المضربين، وتمنع أي شكل من أشكال التمييز أو الفصل التعسفي أو استبدال العمال المضربين خلال فترة الإضراب.
وفي تحليلها للمادة 8، اعتبرت المحكمة أن هذه المادة متوافقة مع الدستور، حيث تسمح بالاتفاقات الجماعية الهادفة إلى تحقيق السلم الاجتماعي لفترات زمنية محددة، شريطة الالتزام الكامل للأطراف بمضمون الاتفاقات.
وأخيرًا، قدمت المحكمة تحليلاً وافياً للمادة 12، مؤكدة أن الإجراءات التفصيلية التي تحددها هذه المادة في شأن الدعوة للإضراب بالقطاع الخاص، مثل تشكيل لجنة الإضراب وتحديد النصاب القانوني، هي تدابير تنظيمية تحمي حقوق العمال في التعبير عن مطالبهم بطريقة مسؤولة ومنظمة، دون أن تؤدي إلى تقييد جوهر الحق في الإضراب.