من جبال الأطلس المتوسط، حيث الأصالة والعراقة، إلى صدارة المشهد الإعلامي المغربي، تواصل الصحافية سعاد زعيتراوي مسيرتها المهنية المتميزة، بعد تعيينها رسميًا رئيسةً لتحرير الأخبار بالقناة الثانية 2M، قرار يعكس مسيرة حافلة بالتألق، وكفاءة لم تزدها السنوات إلا صلابة، واحترافية ظلت عنوانًا بارزًا لكل خطوة خطتها في عالم الصحافة.
في ربيعها الإعلامي، لم تكن زعيتراوي مجرد صحفية عادية، بل كانت صوتًا استثنائيًا، حمل قضايا المجتمع بحسّ عميق، ورؤية تزاوج بين الحرفية والإبداع.
من خلال التقارير التي وقّعتها بصوتها الرخيم، كانت الأخبار تُرى كما تُسمع، تنبض بالحياة، وتلامس وجدان المشاهد المغربي. ولعل من أبرز محطاتها، الدور الذي لعبته خلال جائحة كورونا، حيث أسهمت في توثيق فترة الحجر الصحي برؤية إنسانية فريدة، أنتجت خلالها تقارير مؤثرة، كان أبرزها “أنا الدار البيضاء”، الذي لم يكن مجرد تقرير، بل وثيقة بصرية استحضرت مشاعر المغاربة في عز العزلة، وأعادت رسم صورة المدينة في عيون أهلها.
لكن المسيرة لم تتوقف عند حدود الصحافة المكتوبة أو التقارير المصورة، بل كان لسعاد زعيتراوي حضور ميداني قوي، ظهر جليًا في تغطيتها لأحداث انفجار مرفأ بيروت في 4 غشت 2020. حينها، لم تكن مجرد مراسلة تغطي حدثًا استثنائيًا، بل كانت نموذجًا للصحفية الجريئة، التي تتنقل بين أروقة الدمار لتنقل المشهد بحرفية تُحسب لها، لم يكن الخطر عائقًا أمامها، بل كان دافعًا لمزيد من الاجتهاد، وإثبات أن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل التزام بقيم الحقيقة والمسؤولية.
ومن بيروت إلى بلاط القناة الثانية، واصلت زعيتراوي تألقها من خلال برنامج “ضيف الأحد”، حيث نجحت في بناء لقاءات صحفية راقية، تحوّلت معها الحوارات إلى مساحة لاكتشاف خبايا الضيوف، بعيدًا عن التصريحات الجافة أو المجاملات المعتادة، فقد كانت تُحاور بعين الصحفية، وبقلب الإنسانة، ما جعلها واحدة من الأسماء القليلة التي تحظى بتقدير مختلف التيارات الفكرية والسياسية، بفضل مهنيتها التي لم تكن يومًا رهينة المواقف أو الانتماءات.
واليوم، تتوج مسيرتها بهذا التعيين المستحق، كرئيسة لتحرير الأخبار في القناة الثانية، في مرحلة حساسة تتطلب رؤية متجددة، وخبرة قادرة على مواكبة تحولات المشهد الإعلامي المغربي. تعيين لا يعكس فقط نجاح زعيتراوي الشخصي، بل يعزز حضور المرأة المغربية في مواقع القيادة الإعلامية، ويؤكد أن المهنية والاجتهاد يظلان الطريق الأمثل للارتقاء.
من خلف الميكروفون إلى منصة القرار، تستمر حكاية سعاد زعيتراوي، لتكتب فصلاً جديدًا في مشوار إعلامي يستحق الاحترام والتقدير.