كشف تقرير حديث أن السجل الاجتماعي الموحد يواجه صعوبات قانونية وإجرائية قد تؤثر على قدرته في تحديد الفئات المستحقة للدعم الاجتماعي، مشيرًا إلى أن المنهجية المعتمدة لتقييم الأهلية قد تؤدي إلى استبعاد بعض الفئات الهشة بسبب معايير إدارية معقدة، مما يثير تساؤلات حول مدى تحقيقه للعدالة الاجتماعية وإمكانية استفادة جميع المحتاجين.
وأوضح التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات أن اشتراط التسجيل في السجل الوطني للسكان بالإدلاء بوثائق رسمية لإثبات العنوان السكني يمثل عقبة كبيرة أمام بعض الفئات، مثل المشردين، وساكني دور الصفيح، والعاملين في الهجرة القروية الذين لا يمتلكون وثائق إقامة رسمية، مما يجعلهم خارج دائرة الاستفادة من الدعم.
وأشار التقرير إلى أن آلية التصريح الذاتي المعتمدة في السجل الاجتماعي الموحد قد لا تكون دقيقة بما يكفي لتحديد الفئات الأكثر احتياجًا، خاصة بين الأسر التي تعاني من ضعف الولوج إلى التكنولوجيا أو تفتقر إلى الدراية بالإجراءات الإدارية، ما قد يعوق قدرتها على التسجيل أو عرض وضعها الاجتماعي بشكل صحيح، كما أن هذا الأسلوب قد يفتح المجال للأخطاء أو التلاعب بالمعطيات.
وأبرز التقرير أن النظام يعتمد على معايير جامدة لا تأخذ في الاعتبار التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الطارئة التي قد تؤدي إلى تدهور الوضع المالي للأسر، مثل فقدان الوظيفة أو مواجهة نفقات صحية غير متوقعة، موصيًا بضرورة تحديث دوري تلقائي للمعلومات الاقتصادية للأسر لضمان عدالة أكبر في تصنيفها.
كما أشار التقرير إلى أن تعريف الأسرة في النظام الحالي لا يعكس بشكل كافٍ التنوع الاجتماعي في المغرب، حيث لا يتم تصنيف بعض الفئات الهشة، مثل النساء المعيلات أو الأفراد الذين يعيشون بمفردهم، بطريقة تتيح لهم الاستفادة من الدعم رغم وضعهم الاقتصادي الصعب.
وأكد التقرير أن المعايير المستخدمة لتقييم الأهلية قد تؤدي إلى نتائج غير عادلة، إذ ترتكز بشكل أساسي على المداخيل والممتلكات دون مراعاة الفوارق في تكاليف المعيشة، موضحًا أن أسرة تعيش في مدينة كبرى قد تواجه أعباء مالية أكبر من أسرة في منطقة قروية رغم امتلاكهما نفس مستوى الدخل، ما يجعل تقييم وضعها الاجتماعي غير دقيق.
وأبرز التقرير أن الاعتماد الكلي على المؤشرات الرقمية في تقييم مستوى العيش قد لا يعكس الواقع المعيشي الحقيقي، مشيرًا إلى أن بعض المعايير المستخدمة، مثل امتلاك هاتف ذكي أو جهاز تلفاز، لا تعكس بالضرورة المستوى الاقتصادي للأسرة، حيث قد تتوفر هذه الأجهزة لدى بعض الأسر رغم معاناتها من ظروف معيشية صعبة.
ولفت التقرير إلى أن الفجوة الرقمية تشكل تحديًا إضافيًا أمام نجاح السجل الاجتماعي الموحد، موضحًا أن العديد من الأسر في المناطق القروية والهامشية تفتقر إلى الوسائل التقنية اللازمة للتسجيل، ما قد يدفع بعض المواطنين إلى اللجوء إلى وسطاء مقابل مبالغ مالية، كما أن ضعف التمكّن من التكنولوجيا قد يعوق إمكانية تصحيح الأخطاء في البيانات أو تحديث المعلومات الشخصية لضمان استمرار الاستفادة من الدعم.
وأشار التقرير إلى أن غياب آليات واضحة لتقديم الطعون يشكل عائقًا كبيرًا أمام المستبعدين من الاستفادة من الدعم، حيث قد لا يجد المواطنون المتضررون طريقة فعالة للاعتراض أو طلب مراجعة ملفاتهم، ما قد يضعف ثقة المواطنين في هذا النظام، داعيًا إلى إنشاء منصة رقمية خاصة باستقبال الطعون، مع ضمان مراجعة سريعة وشفافة للطلبات.
وختم التقرير بالتأكيد على أن نجاح السجل الاجتماعي الموحد يعتمد على تطويره بشكل مستمر، مع التركيز على تعزيز الشفافية، تحديث البيانات بانتظام، وإشراك المجتمع المدني في تقييم فعاليته، مشددًا على أن أي إصلاح يجب أن يستند إلى معطيات دقيقة واستشارة واسعة لضمان تحقيق أهدافه بشكل عادل ومستدام.