جسّد مبارك بوعلي، رسام الكاريكاتير والإعلامي، مفهوم الهجرة كسفرٍ شخصي وتجربة حياتية متجددة، لا مجرد انتقال جغرافي. بدأ بوعلي حديثه بالإشارة إلى أن رغبته في الهجرة إلى كندا نبعت من إيمانه بضرورة التغيير والتطور، رافضًا حياة الرتابة والجمود.
استعرض بوعلي محطات “هجرته” المتعددة في حياته، بدءًا من الانتقال داخل المنزل، مرورًا بتغيير مكان الإقامة من بلدته إلى الرباط، وصولًا إلى التحول الجذري في مساره الأكاديمي من الأدب الإنجليزي إلى الحقوق. كل هذه المحطات، بالنسبة له، كانت بمثابة هجرات شكلت نمط حياته.
أوضح بوعلي أن قراره بالهجرة إلى كندا جاء بحثًا عن حياة تواكب القرن الحادي والعشرين، بكل ما يحمله من تطور تكنولوجي وتنوع ثقافي. وصف تجربته في المغرب بأنها كانت تتأرجح بين أزمنة مختلفة، حيث كان يشعر أحيانًا بأنه يعيش في تناقض زمني صارخ.
عند وصوله إلى كندا، واجه بوعلي تحديات جديدة، أبرزها الطقس البارد القاسي الذي وصفه بـ “العصر الجليدي الثالث”. ومع ذلك، أكد على وجود دفء إنساني في الجالية المغربية والعربية، مشيرًا إلى أن الهجرة لم تكن بالنسبة له نفيًا، بل فرصة لعيش الهوية المغربية بصيغة أخرى.
أشار بوعلي إلى أن المغتربين المغاربة يحملون معهم ثقافتهم وعاداتهم، بل وحتى “سلوكاتهم” إلى المهجر، مما يخلق مجتمعًا مغربيًا مصغرًا في كندا. وأكد أن الهجرة تمنح الفرد فرصة للتعايش مع ثقافات مختلفة، وتوسيع آفاقه الفكرية والإنسانية.
ذكر بوعلي أنه قبل الهجرة، كانت معرفته بالثقافات الأخرى محدودة، لكنه بعد الهجرة أصبح يميز بين الجنسيات المختلفة، ويتفاعل مع أناس من خلفيات متنوعة. واعتبر أن الهجرة تتيح للفرد اكتشاف العالم وفهم مكانته فيه، إضافة إلى التعرف على حضارات مختلفة.
في ختام حديثه، أكد بوعلي أن مفهوم “الغربة” قد تلاشى في العصر الحديث، خاصة مع تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا. وأشار إلى وجود جالية مغربية كبيرة في كندا، تتركز بشكل خاص في مقاطعة كيبيك، مما يجعل المغترب يشعر وكأنه يعيش في وطنه. وأعرب عن أمنيته في أن يحمل أحد شوارع مونتريال اسمًا مغربيًا، ليعكس التواجد القوي للجالية المغربية والمغاربية في المدينة.
