الرئيسية / حوارات / حكم التازي: السعادة لحظة تُعاش لا تُوزن.. والفرح الحقيقي في التفاصيل الصغيرة

حكم التازي: السعادة لحظة تُعاش لا تُوزن.. والفرح الحقيقي في التفاصيل الصغيرة

التازي:
حوارات
فبراير.كوم 22 مارس 2025 - 23:00
A+ / A-

في لحظة تأمل عفوية مشبعة بالبساطة وعمق التجربة، تحدث الدكتور حكم التازي عن مفهوم السعادة بطريقة غير تقليدية، متسائلاً بأسلوب ساخر ووجودي في آنٍ معاً: “شنو هي السعادة؟ واش فيها شي كيلو؟ ولا جوج كيلو؟ ولا ثلاثة؟” واضعاً بذلك تصوراً لواقع يختزل السعادة في ما هو محسوس وملموس، قبل أن يدحض هذا التصور نفسه عبر حديث صادق عن معنى أعمق، يتجاوز المادة.

السعادة، كما يراها التازي، ليست شيئاً يُقاس أو يُوزن، ولا تُمنَح كجائزة مستحقة، بل هي لحظة، ومضة، شعور عابر يأتي دون استئذان وقد يغيب دون إنذار. يقارنها بالموج الذي يعلو وينخفض، يُباغتك أحياناً بالفرح ثم يتراجع لتبقى وحدك مع الفراغ أو الألم.

ويشير في هذا السياق إلى أن السعادة لا تُدرك إلا حين تُقاس بضدها، فالحزن والألم والشقاء وحدهم من يمنحون السعادة معناها. “il faut malheur pour apprécier le bonheur” يقولها بوضوح: لا يمكن تذوق حلاوة السعادة دون أن يُذاق مرّ الحزن.

وفي استرسال يجمع بين الطرافة والعمق، يستحضر التازي مواقف من الحياة اليومية تُظهر كيف أن اللحظات البسيطة قد تصير مصدراً حقيقياً للفرح، ضارباً مثالاً بحادثة طريفة حين أوقفه شرطي المرور بسبب مخالفة. وعلى الرغم من أنه كان في موقف يُفترض أن يكون محرجاً أو مثيراً للغضب، إلا أن طريقته المرحة في التعامل مع الموقف، وردة فعل الشرطي، جعلا من تلك اللحظة مشهداً من الفرح الحقيقي، حيث انقلب الغضب المحتمل إلى ضحك وسعادة ورضى داخلي.

ويُشدد التازي على أن السعادة لا تأتي من الخارج، بل تُصنع من الداخل، من تفاصيل دقيقة كأن تنجح في أمر تحبه، أو أن تتلقى استجابة صادقة من شخص تُحبه. أن تجد في بيتك ما يكفي من الصحة لتغسل وجهك، أو تقص أظافرك، أو تنظر إلى نفسك في المرآة وتشعر بالرضا. “السعادة هي أن تدخل بيتك وتقول: ما زال عندي صحة كافية نخدم بيها راسي”، يقولها بابتسامة، وكأنها حكمة خرجت من قلب حياة مليئة بالتجارب.

كما لا ينسى أن يشير إلى نوع آخر من الفرح الخالص، ذاك الذي يأتي حين تفعل الخير بصمت، كأن تمنح شخصاً محتاجاً وجبة طعام دون أن تنتظر منه أن يفتح الباب أو يرد التحية. “تنزلها وتزيد فطريقك”، يكفيك أنك زرعت أثراً، ويكفيك الإحساس الذي يتسلل إلى قلبك وأنت تُقدم على هذا الفعل دون مقابل.

وللسعادة عند التازي أيضاً جانب من القبول، قبول العمر حين يتقدّم، وقبول الجسد حين يتغير، والضحك على تفاصيل الحياة، حتى تلك التي قد يراها البعض مثاراً للسخرية أو الشفقة. يروي بابتسامة عن رجل مسنّ بلا أسنان، لا يخجل من حاله، بل يواجهه بسخرية محببة وفرح داخلي، قائلاً “تفاحة؟ جيبها نشوفها واش نقدر نعضها”، ضاحكاً ومتصالحاً مع جسده المتعب وزمنه الذي مضى.

في النهاية، يختصر الدكتور حكم التازي فلسفته ببساطة العالم الذي جرّب الحياة وعرف طعمها: السعادة لا تُصنع من الكمال، بل من تقبّل النقص، لا تُولد في الوفرة، بل في القناعة، ولا تتطلب الكثير، بل فقط قلباً حياً قادراً على التقاط لحظة فرح عابرة وسط ضجيج الأيام.

السمات ذات صلة

مواقيت الصلاة

الفجر الشروق الظهر
العصر المغرب العشاء

أحوال الطقس

رطوبة :-
ريح :-
-°
18°
20°
الأيام القادمة
الإثنين
الثلاثاء
الأربعاء
الخميس
الجمعة