خرج آلاف المغاربة، يوم السبت 22 مارس 2025، في مسيرات شعبية ضخمة جابت شوارع عدد من المدن، في مشهد احتجاجي يؤكد اتساع رقعة الغضب الشعبي من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ومطالبة واضحة بإنهاء التطبيع مع كيان الاحتلال.
في الدار البيضاء، احتشدت جموع كبيرة وسط المدينة واتجهت نحو القنصلية الأمريكية، تعبيرًا عن رفض الدعم الأمريكي المطلق للآلة العسكرية الإسرائيلية، واستنكارًا للتصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني. ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وصورًا رمزية لقادة المقاومة، من ضمنها صور أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، إلى جانب صور الشهيدين إسماعيل هنية ويحيى السنوار.
الهتافات التي صدحت بها حناجر المشاركين عكست حجم الغضب الشعبي، إذ رُددت شعارات ترفض التطبيع وتحيي صمود غزة، من قبيل “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”، و”لن نعترف بإسرائيل”، و”الغزاوي صامد ما يهاب”، ما حول المسيرة إلى لحظة قوية للتعبير الجماعي عن التضامن مع القضية الفلسطينية في وجه ما وُصف بالعدوان الهمجي.
ولم تكن الدار البيضاء وحدها في هذا الحراك، فقد شهدت مدن أخرى كطنجة، مراكش، مكناس، وأكادير مسيرات مشابهة، فيما نظمت وقفات احتجاجية في تطوان، شفشاون، تارودانت، وخنيفرة، في حين تم منع مسيرة كانت مقررة بمدينة الجديدة.
وتواصلت هذه التحركات الشعبية، حيث خرجت مظاهرات جديدة يوم الأحد 23 مارس في مدن عدة، في اليوم السادس من استئناف العدوان الإسرائيلي، لتؤكد أن الشارع المغربي لا يزال متشبثًا بموقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ورافضًا لأي شكل من أشكال التطبيع السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي.
في غضون ذلك، تتواصل فصول المأساة في قطاع غزة. فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد الشهداء منذ استئناف الهجمات فجر 18 مارس الجاري، 673 شهيدًا و1233 مصابًا، في وقت يصعب فيه الوصول إلى عدد كبير من الضحايا الذين ما زالوا تحت الأنقاض أو في الطرقات، وسط عجز فرق الإسعاف عن الوصول إليهم بسبب القصف المستمر.
ووفق الأرقام المعلنة، ارتفعت الحصيلة الإجمالية للعدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 50,021 شهيدًا و113,274 مصابًا، بينهم آلاف النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود، وهو ما يجعل من هذا الهجوم أحد أكثر الحملات دموية في التاريخ المعاصر.
ومنذ فجر 18 مارس، صعّدت إسرائيل من وتيرة هجماتها الجوية والمدفعية، مستهدفة الأحياء السكنية والبنية التحتية في غزة، في خرق سافر لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية بداية هذا العام. هذه الهجمات العنيفة، التي تتم بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة، تُصنّف بحسب مراقبين كجرائم إبادة جماعية تهدد وجود السكان المدنيين في القطاع.
وبينما يتواصل الصمت الدولي، تبدو الشوارع المغربية، كما غيرها في العالم، مصرة على إيصال صوتها في وجه ما يعتبره كثيرون عدوانًا همجيًا يستهدف شعبًا أعزل، لا يملك سوى إرادة الصمود وحق المقاومة.