في لقاء خاص احتضنه البرلمان البريطاني بحضور برلمانيين ودبلوماسيين، ألقت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عرضًا شاملًا حول تطور مسار حقوق الإنسان بالمغرب، مبرزة الممارسات الفضلى، وأوراش الإصلاح الكبرى، والمسارات التي رسّخت رؤية مغربية متبصرة في تعزيز الحقوق والحريات على مدى ربع قرن.
بوعياش شددت على أن التزام المغرب بالإصلاح الحقوقي “ليس خيارًا سياسيًا عابرًا، بل هو دينامية مجتمعية وفعل جماعي يعكس إرادة لا رجعة فيها في ترسيخ سيادة القانون”، مذكّرة بمحطات مركزية في هذا المسار، من تجربة الإنصاف والمصالحة إلى إصلاح مدونة الأسرة ومراجعة القوانين المرتبطة بالمساواة وحقوق المرأة.
وسلطت بوعياش الضوء على أهمية تقاطع إرادة الدولة مع دينامية المجتمع المدني في التجربة المغربية للعدالة الانتقالية، التي اعتبرها المفوض السامي لحقوق الإنسان في دجنبر 2024 “محطة بارزة في تاريخ العدالة الانتقالية بالعالم”، لما أسسته من تحول هيكلي نحو ترسيخ الديمقراطية والحكامة وحقوق الإنسان.
وفي سياق متصل، توقفت رئيسة المجلس الوطني عند مسار إصلاح مدونة الأسرة، معتبرة أن التعديلات التي شهدتها منذ 2004 وحتى المراجعة الجارية اليوم، تؤكد رؤية ملكية جامعة، نجحت في تحويل التردد المجتمعي تجاه حقوق النساء إلى مكتسبات ملموسة غير مسبوقة في المنطقة.
بوعياش تطرقت أيضًا إلى قضايا الحماية الاجتماعية، ومكافحة العنف ضد النساء، والمساواة في الحقوق السلالية، والتكريس الدستوري للمناصفة وسمو القانون الدولي، مؤكدة أن هذه الإصلاحات ليست مجرد نصوص قانونية، بل تجسيد لرؤية نحو مجتمع أكثر عدالة وشمولًا.
من جهة أخرى، وفي تفاعل مع سياقات العصر الرقمي، حذّرت بوعياش من التحديات المتزايدة التي تواجه حرية التعبير في الفضاء الرقمي، داعية إلى إيجاد توازن دقيق بين ضمان حرية الرأي وحماية باقي الحقوق، في انسجام مع مقتضيات المادتين 19 و20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. كما نبهت إلى ضرورة مواجهة خطاب الكراهية والتضليل والمس بالحق في السمعة والحياة الخاصة.
واستعرضت بوعياش أمام نواب البرلمان البريطاني ركائز المقاربة المغربية في الإصلاح الحقوقي، والتي تقوم على ثلاث مبادئ أساسية: التوافق بدل التسويات العقيمة، والابتكار في إيجاد حلول ملائمة للسياق الوطني، والمشاركة الحقيقية لكافة الفاعلين في الجهات الـ12 للمملكة. مقاربة، تؤكد بوعياش، أتاحت حلولًا متجذرة في الواقع المغربي، وساهمت في ترسيخ فعلية الحقوق والحريات.
وختمت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان مداخلتها بالتأكيد على أن المغرب لا يخشى الاعتراف بتحدياته، بل يجعل منها دافعًا لتحويل الالتزامات الدستورية والمعيارية إلى واقع ملموس، قائلة: “الوفاء لهذا المسار هو أولوية ملحة نطمح جميعًا إلى تحقيقها”.
