دافع رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، عن أداء المؤسسة التشريعية الحالية، مؤكداً أن المقارنات مع البرلمانات السابقة لم تعد واقعية بسبب التحولات المجتمعية العميقة التي شهدها المغرب.
وأشار العلمي حلال لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، إلى أن التمسك بـ”مرجعية قديمة” مبنية على رموز سياسية من حقبة ماضية يتجاهل تطور المجتمع وتغير أولوياته، لافتاً إلى أن تجاوز مرحلة “الصدام المجتمعي”، خاصة بعد تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، أدى إلى تحول في طبيعة عمل النخب السياسية.
وأوضح العلمي أن النخب السابقة كانت تركز نضالها على الحقوق والحريات والديمقراطية، وهي قضايا اعتبر أنها حُسمت إلى حد كبير، بينما تنصب جهود النخب الحالية، التي تضم أعداداً متزايدة من النساء والشباب (مشيراً إلى ارتفاع عدد النائبات من اثنتين عام 1997 إلى 98 حالياً)، على تحقيق “التنمية الشمولية”.
وأكد أن هؤلاء النواب الجدد يعكسون متطلبات المجتمع المغربي المعاصر المتغيرة، والتي تختلف جذرياً عن متطلبات الأجيال السابقة.
ورداً على الانتقادات الموجهة لأداء البرلمان، استعرض العلمي حجم العمل التشريعي، مشيراً إلى تقديم رقم قياسي بلغ 6150 تعديلاً على مشاريع القوانين خلال الولاية الحالية، منها حوالي 1000 تعديل على قانون المالية وحده. واعتبر هذا الرقم دليلاً ملموساً على “الاجتهاد والاشتغال” من قبل كل من الأغلبية والمعارضة، نافياً ضمنياً أي تقاعس في العمل البرلماني الجاد.
وتطرق رئيس مجلس النواب إلى تحديات الفضاء الرقمي وتأثيره على النقاش العام، منتقداً حالة “الضرب في الكل” السائدة على منصات كـ”فيسبوك”.
ودعا الفاعلين السياسيين والإعلاميين والمثقفين إلى تحمل مسؤوليتهم بالاصطفاف إلى جانب الحقائق وتجنب الانسياق وراء الأخبار الزائفة أو التعبير عن “نزوات فردية” قد لا تعكس بالضرورة تطلعات المجتمع الأوسع، مؤكداً أن البرلمان يعمل بناءً على تجميع المعطيات والتوجهات العامة المنبثقة عن الأحزاب وتنظيماتها.
وفيما يخص الدبلوماسية البرلمانية، كشف العلمي عن استراتيجية عمل واضحة ومنظمة، مشيراً أولاً إلى “واجب التحفظ” الذي يقتضيه التعامل مع بعض الملفات الحساسة خدمة للقضية الوطنية.
وأوضح أنه بناءً على توجيهات ملكية، تمت إعادة هيكلة العمل الدبلوماسي البرلماني وتصنيف دول العالم إلى أربع فئات بناءً على موقفها من قضية الصحراء المغربية، بهدف أساسي هو العمل على نقل الدول من مربع الاعتراف بالكيان الوهمي أو دعم المسلسل الأممي إلى مربع دعم مقترح الحكم الذاتي أو الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.
وأضاف العلمي أن هذه الدبلوماسية الموازية، التي تستهدف البرلمانات والأحزاب السياسية في الدول الأخرى، تتطلب عملاً دؤوباً ومستمراً (“المثابرة”) ولا تحقق نتائج فورية. ويتم تشكيل الوفود البرلمانية بناءً على طبيعة النظام السياسي والحزب الحاكم في الدولة المستهدفة لضمان فعالية التواصل.
ونفى العلمي الادعاءات بعدم فعالية أو نشاط مجموعات الصداقة البرلمانية، مؤكداً أن كل التحركات مدروسة وتخدم أهدافاً محددة.
واختتم العلمي حديثه بالتأكيد مجدداً على غياب أي “مزايدة في الوطنية” بين الأغلبية والمعارضة داخل البرلمان، مشدداً على أن “كلنا وطنيين لكن كل واحد عندو النظرة ديالو”، معتبرا أن الاختلاف في المواقف والتعديلات المقدمة من الفرق البرلمانية هو انعكاس طبيعي لمرجعيات الأحزاب السياسية المختلفة وجزء لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية السليمة.