كشفت تصريحات أدلى بها نشطاء إسبان مؤيدون لجبهة “البوليساريو”، مُنعوا من دخول مدينة العيون يوم السبت الماضي، عن طبيعة مهمتهم التي تجاوزت الادعاءات الأولية المتعلقة بمراقبة حقوق الإنسان، لتُظهر أجندة سياسية واضحة تتماشى مع مواقف الجبهة الانفصالية.
الوفد الإسباني، الذي ضم النائب السابق في برلمان أراغون خيسوس مايسترو، المعروف بدعمه للبوليساريو، والناشطة روزا ماريا فرنانديز، بالإضافة إلى الصحفية غارا سانتانا من موقع “إلدياريو”، تم منعه من النزول من الطائرة في مطار العيون بعد وصولهم من جزر الكناري.
وعلى الرغم من تقديمهم لزيارتهم على أنها “مهمة حقوقية” تهدف لمراقبة الأوضاع لصالح جمعية “CAES Sahara” الموالية للجبهة، إلا أن تصريحات مايسترو التي نقلتها وكالة “أوروبا بريس” الإسبانية بعد عودته، فضحت النوايا الحقيقية للزيارة.
أقر خيسوس مايسترو بأن أحد أهداف الزيارة كان “التنديد باستغلال الشركات الأوروبية، ومن ضمنها شركات إسبانية، للموارد السياحية في الصحراء”، مضيفا أنهم كانوا يسعون “لفضح” ما أسماه بـ”الاستغلال السياحي غير المشروع” من قبل شركات تستثمر في الفنادق وطاقة الرياح على شواطئ المنطقة، مكرراً بذلك الخطاب الذي تتبناه جبهة البوليساريو.
وادعى مايسترو أن المغرب يطور سوقاً سياحياً مزدهراً “خارج إطار القانون الدولي”، في تبنٍّ صريح لأطروحة الانفصال ورفض للسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، كما تحدث الوفد عن “الاحتلال غير الشرعي” و”الاستغلال الأوروبي للثروات”، وهي مصطلحات سياسية بامتياز تتجاوز أي إطار حقوقي بحت.
ووصف مايسترو عملية منعه بأنها تمت “دون نقاش” من قبل عناصر أمن مغربية بلباس مدني كانوا على علم مسبق بهوياتهم ويحملون صورهم، كما انتقد ما أسماه “عدم تدخل الحكومة الإسبانية”، معتبراً أن موقف مدريد “يشجع المغرب على التمادي”، علماً أنه لم يصدر أي تعليق رسمي إسباني حول الحادث حتى الآن.
ويأتي منع هؤلاء النشطاء الإسبان، بعد أسابيع قليلة من منع وفد مماثل حاول دخول العيون تحت مسمى “وفد من البرلمان الأوروبي”، مما يؤشر على تبني الرباط لسياسة أكثر صرامة تجاه الأفراد والجماعات التي تستغل غطاء حقوق الإنسان للترويج لأجندات سياسية معادية لوحدة المغرب الترابية.
وفي هذا السياق، كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قد أكد في وقت سابق تعليقاً على محاولة دخول وفد أوروبي، أن المغرب يمارس سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية، وأن محاولات التشويش هذه “ليس لها أي تأثير”.
وأوضح بوريطة أن المغرب يستقبل ملايين السياح والوفود الرسمية سنوياً، بما في ذلك في أقاليمه الجنوبية، مشيراً إلى أن زيارة البلاد، كأي دولة أخرى، تخضع لإجراءات تنظيمية وقانونية واضحة. وشدد الوزير على أن “كل من يحترم هذه القواعد فهو مرحب به، بينما يتم تطبيق القانون على كل من يحاول تجاوزها”.
تؤكد هذه الواقعة مجدداً موقف المغرب الثابت من سيادته على الصحراء، وحقه في تطبيق قوانينه على كل من يدخل أراضيه، وكشف المحاولات الرامية لاستغلال قضايا حقوق الإنسان لأغراض سياسية تهدف إلى المس بوحدته الترابية.