روى الدكتور محمد النشناش، الطبيب الجراح والمدافع عن حقوق الإنسان، في حديثه الشيق مع موقع “فبراير.كوم”، رحلته مع مدينة طنجة وتحولاتها المثيرة منذ عام 1947 وحتى وقت حديثه.
نشأ النشناش في مدينة تطوان، لكن زيارته الأولى لطنجة كانت حدثاً فارقاً في حياته، ففي أبريل 1947، حضر خطاب الملك محمد الخامس الشهير في ساحة 9 أبريل، الذي أطلق فيه نداء الاستقلال، قائلا: “كان حظي أنني حضرت خطاب صاحب الجلالة محمد الخامس مع الجماهير الكثيرة التي كانت في طنجة آنذاك.”
ورغم صغر سنه، كان النشناش منخرطاً في الحركة الوطنية من خلال حزب الإصلاح الوطني، متأثراً بالتربية الوطنية التي تلقاها في المدارس الابتدائية، التي كانت تغرس في التلاميذ روح النضال من أجل الاستقلال.
وصف النشناش طنجة، وهو يتحدث لموقع “فبراير.كوم”، بأنها كانت “مدينة عجائب” حيث تفاجأ باكتشاف أن الأجانب كانوا أكثر من المغاربة بسبب وضعها كمدينة دولية، مستعرضا كيف قسّم الاستعمار المدينة إلى مناطق نفوذ: “الإنجليز من جهة، والإيطاليون، والبرتغاليون، والإسبان، والفرنسيون… كل واحد عندو الحومة ديالو والبناية ديالو والمدارس ديالو والسبيطار ديالو والمقابر ديالو.. يعني كنا في دول متعددة داخل مدينة واحدة.”
وأضاف المتحدث عينه، “من مفارقات تلك الفترة أن المغاربة كانوا يعيشون في المدينة القديمة وكانوا أقلية مقارنة بالأجانب، حيث كان الإسبان الأكثر عدداً، ثم الإنجليز والفرنسيون والبرتغاليون والإيطاليون، وكانت الجالية اليهودية قوية ومهيمنة على قطاع العقارات والمعاملات المالية”.
ووصف النشناش طنجة بأنها كانت “عين على البحر” ومركزاً للمخابرات الدولية والمؤامرات: “كانت طنجة آنذاك مركزاً للمغامرات والمخابرات الدولية… كانت هناك مؤامرات تُدار في هذه المدينة.” مضيفا: “الطنجاوي عينه على البحر وجالس على الحجر وودنو على الأخبار.”
كما كانت المدينة مركزاً لتجارة السلاح والمخدرات والتهريب بأنواعه، لكن المغاربة كانوا مهمشين في هذه الأنشطة التي كان يقوم بها المحميون وأصحاب الجنسيات الأخرى.
ورغم أن طنجة كانت تنعم بالثروة أيام الحكم الدولي، إلا أنها عانت من التهميش بعد الاستقلال وخلال عهد الملك الحسن الثاني، مثلها مثل مناطق أخرى كالحسيمة والأطلس. قال النشناش: “طنجة كانت عبارة عن ‘إلدورادو’ بالنسبة للباقي، لكن بعد الاستقلال طالها التهميش.”
وأكد النشناش أن طنجة شهدت تحولا جذريا بعد تولي الملك محمد السادس العرش: “بعد صعود محمد السادس إلى عرش أجداده، تغيرت طنجة، اليوم هي مدينة يمكن أن نقول إنها نموذج للنمو والتغيير.”
وعدد مظاهر بنشناش هذا التحول: ميناء طنجة المتوسط، قطار البراق السريع، التوسع العمراني، والتنمية الصناعية والسياحية. مشيرا إلى أن المدينة التي كانت تعيش بحوالي 250 ألف نسمة، أصبح عدد سكانها حينها قرابة المليون ونصف.
بعد عودته من الخارج، عمل النشناش جراحاً في المستشفى الرسمي بطنجة ثم في القطاع الخاص لمدة عشر سنوات ابتداءً من 1971، ولاحظ التغيير الكبير في القطاع الصحي، حيث كانت المستشفيات الأجنبية (الإسباني، البريطاني، اليهودي، الإيطالي) هي المهيمنة، بينما كان المستشفى المغربي الرسمي (القرطبي) صغيراً مقارنة بها.
وأشار النشناش إلى أن طنجة لم يكن لها طابع المدن القديمة مثل فاس أو مكناس أو تطوان أو سلا، لأنها هُدمت مرات عديدة على يد الإنجليز والبرتغاليين والإسبان.
واختتم النشناش حديثه بالإشارة إلى أن المدينة القديمة أصبحت شبه عصرية بعد التحسينات الأخيرة، مع الحفاظ على الطابع الأندلسي الأصيل في القصبة والمناطق المجاورة لها.
كشف الدكتور محمد النشناش، الطبيب الجراح والمدافع عن حقوق الإنسان، في حديثه الشيق مع موقع “فبراير.كوم”، أنه وبعد استقراره في المغرب، بعد أن درس لسنوات في اسبانيا، لم يكن يعتقد أن مدينة وجدة مغربية، با جزائرية.
وأشار النشناش أنه انتقل لوجدة عام 1961 بإسناد من وزارة الصحة، حيث اشتغل هناك كطبيب جراح، هناك حيث أشرف على تطبيب مجموعة من الجزائريين الذين أتوا للمستشفى كجرحى مصابين من الألغام أو الأسلاك الكهربائية
وتابع النشناش أن بومديان هو الذي كان يحكم أنذاك، في حين أن بوتفليقة كان يحب الرقص والأغاني كان “نشايطي”، ويحب التمتع بالحياة مبرزا أن المغرب قدم كل شيء للجزائريين.
واضاف المتحدث ذاته أنه سنة 1961 لم يكن هناك تمييز بين مغربي أو جزائرين حيث أن المغاربة أنذاك تزوجوا جزائريات، والعكس صحيح.
وتابع المتحدث في معرض حديثه لـ”فبراير”، أن الجزائر دولة خلقتها فرنسا، بعد أن كانت ولاية عثمانية، والاستعمار الفرنسي هو من قام بدمجها.
وكانت الجزائر أنذاك تعتبر نفسها أسمى من المغرب، حيث كانت تتحدث بالفرنسية وأنذاك تمتلك عدة مستشفيات كبيرة، وجامعات كبيرة، لذلك كانت تعتبر نفسها أنها تتوفر على نوع من السمو والتكبر والكبرياء.
وروى الدكتور محمد النشناش، الطبيب الجراح والمدافع عن حقوق الإنسان، في حديثه الشيق مع موقع “فبراير.كوم”، رحلته مع مدينة طنجة وتحولاتها المثيرة منذ عام 1947 وحتى وقت حديثه.
نشأ النشناش في مدينة تطوان، لكن زيارته الأولى لطنجة كانت حدثاً فارقاً في حياته، ففي أبريل 1947، حضر خطاب الملك محمد الخامس الشهير في ساحة 9 أبريل، الذي أطلق فيه نداء الاستقلال، قائلا: “كان حظي أنني حضرت خطاب صاحب الجلالة محمد الخامس مع الجماهير الكثيرة التي كانت في طنجة آنذاك.”
ورغم صغر سنه، كان النشناش منخرطاً في الحركة الوطنية من خلال حزب الإصلاح الوطني، متأثراً بالتربية الوطنية التي تلقاها في المدارس الابتدائية، التي كانت تغرس في التلاميذ روح النضال من أجل الاستقلال.
كشف الدكتور محمد النشناش، الطبيب والمدافع عن حقوق الإنسان، عن تفاصيل جديدة حول قضية اختفاء المهدي بن بركة، الزعيم السياسي المغربي المعارض الذي اختفى في ظروف غامضة عام 1965.
وأكد النشناش، الذي كان على علاقة وثيقة ببن بركة، أنه يعتبره “أستاذه ومعلمه” وأنه كان يتردد عليه متطوعًا خلال فترة رئاسته للمجلس الاستشاري الأول في البرلمان المغربي.
وشدد على أن بن بركة كان “نابغة محبًا لوطنه”، نافيًا بشدة الاتهامات التي طالته بالعمالة أو التآمر ضد الملكية. وقال النشناش: “رغم ما يقيل ويقال، أنا أقول كلمة واحدة: لم يكن في بن بركة سوء فيما يتعلق بالملكية. هو يريد الإصلاح، وربما إصلاح جذري يتطلب التغيير، ولكن لم يكن لا متآمرًا ولا كراهية فيما يتعلق بالنظام المغربي”.
وانتقد النشناش عدم تمكن هيئة الإنصاف والمصالحة من الوصول إلى الحقيقة في قضية بن بركة، مرجعًا ذلك إلى أن “الملف الحقيقي يوجد في المخابرات المغربية”.
وكشف عن واقعة خطيرة، قائلًا: “إدريس البصري، حينما اعتلى الملك محمد السادس العرش، قام بحرق مركز المستندات وكل الوثائق المتعلقة بالموضوع”.
وأوضح أن هذا المركز كان يحتوي على “كل الوثائق السرية الأمنية”، وأن البصري استغل الفترة الانتقالية بين حكم الملكين لحرق هذه الوثائق.
وأشار النشناش إلى أن وثائق أخرى متعلقة بقضية بن بركة موجودة لدى المخابرات الفرنسية والإسرائيلية والأمريكية، معربًا عن أمله في أن يتم الكشف عن هذه الوثائق يومًا ما.
وأضاف أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع القضية ويقوم بالتنقيب عن الحقيقة في هذا الملف.
ورد النشناش بشدة على الاتهامات التي وجهت إلى بن بركة بالعمالة، واصفًا إياها بـ “الكلام التافه من التافهين”.
ودافع عن بن بركة، مشيرًا إلى أنه كان “يعلم مؤتمر القارات الثلاث من أجل محاربة الاستعمار”، وأن “الذين تآمروا عليه هم الاستعمار الأمريكي والإسرائيلي والعملاء المغاربة الذين هم عملاء بالاستعمار”.
واختتم النشناش حديثه بالتأكيد على ضرورة كشف الحقيقة في قضية اختفاء المهدي بن بركة، قائلًا: “الحقيقة ستُعرف يومًا ما”.