بات من الواضح أن الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية تتعرض لحملة إعلامية ممنهجة تهدف إلى عرقلة مسيرة التنمية الشاملة والاستقرار الذي تشهده المنطقة. فالتصعيد الإعلامي المصاحب لمحاولة ما يسمى بـ”وفد الجمعية الدولية للمحامين من أجل الصحراء..” دخول مدينة العيون، وما تلاه من تغطيات إعلامية متحيزة، ليس إلا حلقة في سلسلة من المحاولات الرامية إلى التشويش على هذا المسار.
إن الموقف المغربي من قضية الصحراء الغربية راسخ وثابت، فهي قضية وحدة ترابية لا تقبل أي مساومة أو تنازل. وما حدث في مطار العيون خلال الفترة الأخيرة، لم يكن بأي حال من الأحوال “طردًا”، بل تطبيقًا للقانون وسيادة الدولة.
وقد تم رفض دخول أفراد لم يلتزموا بالشروط والإجراءات القانونية المعمول بها، وعلى رأسها الإشعار المسبق والتنسيق مع الجهات الرسمية المغربية. وهذا الإجراء ليس بغريب أو مستنكر، بل هو حق سيادي تمارسه جميع دول العالم لحماية أمنها وتنظيم دخول الأجانب إلى أراضيها.
أما الادعاءات التي تروج لها بعض المنظمات حول وضعية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، فإنها تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية، فالمغرب يتعامل بشفافية تامة مع هذا الملف، ويفتح أبوابه للمؤسسات الحقوقية الوطنية والدولية المعتمدة لتقييم الوضع على أرض الواقع بشكل مستقل وموضوعي، إلا أن المملكة ترفض بشدة استغلال قضايا حقوق الإنسان كورقة سياسية ودعائية من قبل جهات معروفة بدعمها لأطروحة خصوم الوحدة الترابية.
لقد كشفت الوقائع أن بعض الأطراف الخارجية تسعى جاهدة لخلق مشاهد إعلامية مصطنعة عبر ما يمكن وصفها بـ”رحلات وهمية”. يتم تنظيم هذه الزيارات بهدف افتعال أزمات وتقديم صورة مغلوطة عن الأوضاع في الأقاليم الجنوبية، واستغلال هذه الأزمات المفتعلة في حملات تضليلية ممنهجة.
إن المغرب، الذي لا يرفض مطلقًا مبدأ المراقبة الحقوقية، يرحب بكل الهيئات والوفود التي تحترم القوانين والمساطر المعمول بها. فالمملكة المغربية اليوم، بفضل سياستها الرشيدة، أصبحت شريكًا استراتيجيًا للعديد من الدول في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، وتحظى بتقدير دولي متزايد. وهذا التقدير يتجسد في المواقف الواضحة والصريحة لعديد من الدول الكبرى، كالولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا، التي باتت تدعم بقوة مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ووحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
من هنا، يصبح من الضروري دعوة الرأي العام الإسباني، تحديدًا، إلى عدم الانسياق وراء الدعاية المغرضة التي لا تخدم مصالح السلام والاستقرار في المنطقة. فالمغرب شريك موثوق وجاد يفتح أبوابه للحوار والتعاون البناء، لكنه في الوقت نفسه لن يقبل أي شكل من أشكال الابتزاز أو التضليل الإعلامي.
على صعيد التعاطي الإعلامي المستقبلي مع قضية الصحراء، يبدو أن هناك تحولا ملحوظا في الوعي الدولي، حيث بدأ المجتمع الدولي يستوعب بشكل أعمق تعقيدات هذا الملف ويقدر الجهود التنموية والحقوقية التي تبذلها المملكة في أقاليمها الجنوبية. ومع ذلك، تظل الحاجة قائمة لتعزيز الجهود التوعوية والتواصلية لمواجهة حملات التضليل الممنهجة التي لن تتوقف طالما أن هناك أطرافًا إقليمية تصر على استغلال ملف حقوق الإنسان لتحقيق أجندات سياسية ضيقة.