في حوارها مع “فبراير.كوم”، تحدثت فاطمة البارودي، عضو المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، عن مسيرتها المهنية التي تمتد إلى نحو 35 عامًا في مجال الإعلام والصحافة.
وذكرت البارودي في بداية حديثها أنها كانت دومًا تُعتبر “امرأة حديدية” بسبب الجدية والصلابة التي تتحلى بهما في ميدان العمل، مضيفة أن تلك الصفات قد يراها البعض سلبية بينما هي في الواقع انعكاس للتزامها المهني وحساسيتها تجاه المسؤوليات الملقاة على عاتقها.
وأوضحت البارودي أن المسؤول في أي موقع يتطلب مزيجًا من الصلابة والمرونة، وأن هذا التوازن مهم في الحياة العملية سواء في قيادة الفرق أو في تربية الأبناء، قائلة: “إذا كنت لينة طوال الوقت مع أولادك، فإنك ستخلق إنسانًا غير قادر على تحمل المسؤولية”، مشيرة إلى أن تربية الأبناء تحتاج إلى التدرج بين اللين والصلابة.
كما تطرقت فاطمة البارودي إلى بدايات حياتها الشخصية، موضحة أنها نشأت في أسرة متوسطة في الدار البيضاء، حيث كانت الخامسة بين سبعة أطفال. وتحدثت عن التحديات التي واجهتها، خاصة أنها كانت تعتبر من قبل عائلتها مجرد فتاة قد تكون موجهة لتكون ربة منزل لا أكثر، لكن هذه النظرة تغيرت مع مرور الوقت بفضل دعم والدتها التي كانت تحثها على الصبر والإصرار.
قالت فاطمة إن والدتها، رغم بساطتها، كانت حكيمة جدًا وصبورة، وكانت تردد دائمًا مقولة: “الصبر باب من أبواب الجنة، وإن الله لا يضيع أجر من صبر”، وهو ما كان يشكل دافعًا قويًا لها للتغلب على الصعاب التي واجهتها في طريقها المهني.
وتحدثت البارودي عن تجربتها في التحصيل العلمي، مؤكدة أنها كانت أول فتاة من عائلتها تخرج لدراسة الصحافة في مدينة أخرى، رغم المعوقات التي كانت تحيط بها.
وأضافت أن تلك الخطوة كانت بمثابة تحدٍ لواقع اجتماعي كان يفضل أن يبقى للبنات مكانهن في البيت. ومع ذلك، لم تتوقف فاطمة عند هذه المحطة، بل تحدت نفسها وظروفها لتكمل دراستها وتحقق نجاحًا كبيرًا في مجال الصحافة، حيث أكدت أنها رغم التحديات التي واجهتها، كانت دائمًا تسعى لتطوير نفسها وتحقيق أحلامها.
أما فيما يتعلق بمسارها المهني، فتطرقت البارودي إلى عملها في التلفزيون المغربي في الفترة التي شهدت تغييرات كبيرة في الإعلام المغربي. أكدت أن الصحافة في المغرب شهدت تحولات ضخمة مع تطور وسائل الإعلام، خاصة في ظل العصر الرقمي، مشيرة إلى ضرورة مواكبة الإعلام لهذه التحولات وتبني تقنيات الإعلام الرقمي. كما تحدثت عن الدور الكبير للصحفيين في تحريك الرأي العام والمساهمة في تنوير المجتمع من خلال العمل الصحفي المهني والمسؤول.
وذكرت البارودي أن الصحفي في الوقت الراهن ليس فقط ناقلًا للأخبار، بل هو أيضًا محرك أساسي في تشكيل الفكر والرأي العام، مشيرة إلى أن الصحافة الاستقصائية والإعلام الرقمي هما التحديان الأساسيان اللذان يواجههما الإعلام اليوم.
وأكدت أن الصحفيين في العالم العربي، وخاصة في المغرب، يجب أن يكونوا في طليعة المدافعين عن الحقيقة والمعلومات الدقيقة في زمن تتسارع فيه التغيرات التكنولوجية.
فاطمة البارودي أيضًا تحدثت عن دور المرأة في المجتمع المغربي وأهمية تمكينها في مختلف المجالات، بما في ذلك الإعلام. وقالت إن هناك تقدمًا ملحوظًا في تمكين المرأة في مجالات متعددة، لكن ما زالت هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها، مؤكدة أن المرأة المغربية أثبتت أنها قادرة على تولي المناصب القيادية وتحقيق النجاح في مختلف المجالات. كما أشارت إلى ضرورة استمرار الدعم للنساء اللواتي يتخذن قراراتهن ويتحملن مسؤولياتهن في الحياة العامة.
وختمت البارودي حديثها بتأكيدها على ضرورة استثمار التكنولوجيا بشكل أكبر في مجال الإعلام، قائلة: “الإعلام الرقمي هو المستقبل، والجيل القادم من الصحفيين يجب أن يكونوا مستعدين لهذا التحول الكبير.” كما عبرت عن فخرها بالمشاركة في مسيرة الإعلام المغربي ودورها في التأثير على الواقع الاجتماعي والسياسي في المغرب.
في الختام، تبقى فاطمة البارودي مثالًا للمرأة المغربية التي حققت نجاحًا كبيرًا في مجال الإعلام، وتظل تشكل مصدر إلهام للأجيال القادمة من الصحفيين والصحفيات الذين يسعون لتحقيق طموحاتهم في مجالات متعددة، متحدين الصعاب ومعتمدين على أنفسهم في تحقيق أهدافهم.