في شاطئ تغازوت، أحد أبرز الواجهات السياحية لجهة سوس ماسة، يعيش عدد من المهنيين الموسميين في قطاع السياحة البحرية، وخاصة المشتغلين في مجال الجيتسكي، أوضاعًا مهنية متأزمة بعد أن تم حرمانهم من رخص العمل دون تقديم تبريرات واضحة.
هؤلاء العاملون، الذين راكموا خبرة تفوق 12 سنة في المهنة، يروون معاناة متواصلة مع الحيف الإداري والتهميش، حيث يؤكد أحدهم أنه يشتغل كسيكوريتي للجيتسكي في نفس المكان منذ سنة 2004، دون أن يغيّر المهنة أو الموقع، وأنه كان يحصل على رخصته الموسمية كل سنة، إلى أن تم سحبها منه بشكل مفاجئ، رغم استيفائه لكل الشروط القانونية، من تأمين، وتسجيل، وتجهيزات، واستثمار شخصي كبير.
المتحدث يشير إلى أن الحرفة أصبحت موسمية، وأن العمل يتركز خلال فصل الصيف فقط، في وقت تكون فيه ظروف البحر مواتية لاستقبال الزبائن، أما بقية فصول السنة فتتسم بالركود بسبب الموج والرياح التي تمنع أي نشاط.
ورغم الطابع الموسمي للمهنة، فإنها تشكّل بالنسبة له ولزملائه مصدر الرزق الوحيد، حيث لا بديل مهني آخر، ويؤكد أن الرخصة إذا لم تُمنح، فإن العمل يتوقف تمامًا، ويعمّ الضرر الجميع، من المستخدمين إلى أصحاب التجهيزات، خاصة وأن الاستثمار في الجيتسكي يتطلب مبالغ كبيرة تصل في بعض الحالات إلى ثمانين مليون سنتيم.
الشكوى لا تتعلق فقط بسحب الرخص، بل تمتد إلى ما يصفه المهنيون بـ”التمييز الصارخ” في منحها، إذ يؤكدون أن هناك من يشتغل بشكل غير قانوني في شواطئ أخرى مثل أكادير، دون أن يتوفر على أي ترخيص رسمي، بينما يتم رفض ملفاتهم رغم استكمالها، ورغم المحاضر التي تؤكد قيامهم بكل الإجراءات القانونية.
ويروون كيف أن السلطات المحلية عمدت إلى تسريع إحضار معدات الجيتسكي من بيوت أصحابها عندما زار الملك محمد السادس المنطقة، بعد أن سأل عن غياب الأنشطة البحرية، وهو ما يراه المهنيون دليلاً على أن منعهم لا علاقة له بالقانون بقدر ما يرتبط بمزاج إداري واختيارات محلية تفتقر إلى العدالة والشفافية.
وقد بادر عدد منهم إلى توجيه شكايات رسمية ومراسلات متكررة إلى مختلف الجهات المعنية، من بينها والي الجهة، ووزير الداخلية، ووزير التجهيز والنقل، ورئيس الحكومة، والديوان الملكي، لكن دون أن يتلقوا أي رد، مما زاد من إحساسهم بالإقصاء. ويؤكد أحد المتضررين أن الوضع لم يعد يُحتمل، خاصة وأن البحر، الذي كان مجالًا مفتوحًا للمهنة، أصبح اليوم “مكرى بالكامل لشخص واحد”، سواء على مستوى المظلات الشاطئية أو أنشطة الترفيه البحري، وهو ما أدى إلى إقصاء أبناء المنطقة الذين ظلوا يشتغلون لسنوات دون أن يطلبوا غير الحق في الاستمرار بكرامة.
ويضيف المتحدث أن حيازته لوثيقة ملكية حصل عليها سنة 2004 بعد تقديم شكاية مباشرة للملك، كانت كافية حينها لضمان حصوله على الرخصة، لكنها لم تُعتمد اليوم بذريعة أن “الورقة ديال سيدنا سالات”، وهي عبارة يعتبرها إهانة للهبة الملكية، مشددًا على أن العديد من المستفيدين من امتيازات مماثلة في مجالات أخرى ما زالوا يحتفظون بها، ولا يتم التعامل معهم بالمثل. ويختم بالقول إن ما يقع في جماعة تغازوت يُعد ضربًا لقواعد الإنصاف، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول معايير توزيع الرخص، داعيًا إلى مراجعة الوضع، وإنصاف أبناء المنطقة الذين يشتغلون في قطاع حيوي، يشكل رافعة للسياحة المحلية، ومصدرًا للعيش لعدد من الأسر، في ظل غياب بدائل اقتصادية حقيقية.